كنت أستمع صباح اليوم لمحاضرة ألقاها أمس عضو المحكمة العليا الأمريكية Justice Antonin Scalia تطرق خلالها إلى قضية حرية التعبير ودور القضاء مقابل دور السلطة التشريعية في الولايات المتحدة. وهو حديث -باعتقادي- ينسحب إجمالاً على عمل السلطتين في العالم. فقال سكاليا -الجمهوري المحافظ- أن الدستور ليس كما يرغب البعض بوصفه كائناً حياً يواكب تطور المجتمع، فهو دستور جامد يحدد الأطر العامة للحريات الشخصية للفرد وواجباته تجاه المجتمع. وتحدث عن قضية الإجهاض فقال أنها -برأيه- متروكة للمشرع في تحديدها وليست للمحكمة العليا، حيث أورد أن الدستور غير معني بالقضية بل ترك الحكم للمشرع في المجتمع الديموقراطي، وعرج كذلك على قضايا أخرى.
إلا أن موضوعنا اليوم يتعلق بحرية التعبير في قضية حرق العلم الأمريكي -وهي قضية خالف بها سكاليا آراء زملائه المحافظين-حيث رأى المحافظون بتجريم حرق العلم الأمريكي فيما رأت الأطراف الأخرى -معظمهم ديموقراطيين- بأن تجريم حرق العلم يخالف الـFirst Amendmnt للـ Bill of Rights. حيث تنص المادة على الآتي:
Congress shall make no law respecting an establishment of religion, or prohibiting the free exercise thereof; or abridging the freedom of speech, or of the press; or the right of the people peaceably to assemble, and to petition the government for a redress of grievances.
وقال سكاليا في منطوق حكمه (كأحد أفراد المحكمة العليا التسعة) أن حرية التعبير المعنية في المادة السابقة تعني بشكل أساسي بحرية التعبير في الآراء السياسية، وهو ما يقوم به الشخص الذي يحرق العلم، لذلك فهو يرى أن حرق العلم من الحريات التي منحها الدستور الأمريكي للمواطنين.
حديث سكاليا دعاني للتفكير بما قامت به السيدة مي الفرج التي داست بقدمها على جنسيتها الكويتية في جلسة مجلس الأمة التي طرح بها موضوع حقوق المرأة. وتسائلت، هل ماقامت به الفرج تعبير عن رأيها -بغض النظر عن شعورنا تجاه ما قامت به سواء معه أم ضده- أم أنه أمر يخرج عن إطار حرية التعبير، خصوصاً مع عدم وجود قانون صريح يجرم فعلتها. بمعنى آخر، إلى أي حد نستطيع التعبير عن آرائنا السياسية في الكويت؟
أفكر في هذا الموضوع من أمس وهو مشروع نقاش بيني وبين .. نفسي. إلى أن قرأت اليوم في القبس الخبر الآتي:
إحالة المـخرج التلفزيوني المطيري للتحقيق بعد انتقاده النائب المسلم
كتب خالد الدوسري:
علمت «القبس» ان وزير الشؤون الاجتماعية والعمل ووزير الإعلام بالوكالة فيصل الحجي احال المخرج التلفزيوني محمد سعود المطيري الى التحقيق وذلك على خلفية اللقاء الصحفي للمطيري الذي انتقد فيه النائب د.فيصل المسلم الذي وجه انتقادا للبرنامج
المنوع الذي يقوم بإخراجه «نادية على الهوا»، الذي وصفه انه خارج عن الآداب العامة.
هذا وستقوم الشؤون القانونية برفع نسخة من المحضر الى الوزير الحجي للاطلاع عليه.
يذكر ان المطيري دعا في المقابلة النائب الذي هاجم برنامجه الى عدم تصنيف المجتمع الكويتي وعدم المزايدة في قضايا المجتمع لأن الشعب الكويتي متعلم ولديه القدرة على التمييز بين ما هو خارج عن اطار الآداب العامة او ما هو ضمن اطار ما تربى عليه الشعب الكويتي من عادات وقيم يعتز بها.
[إنتهى]
أرى فيما قاله المطيري غاية الصحة. ولا أراه قد أخطأ.. لكن.. هل ما قام به الوزير قمع للآراء؟ تذكرت فجأة قضية جماعة الخط الأخضر وخالد الهاجري (وهو موظف تم فصله من مقر عمله لتصريحه ببعض الآراء السياسية).. هل بمجرد أن توظفنا الدولة نصبح أسرى لها ولآرائها وتسلب حريتنا في التعبير؟ ولجعل التساؤل أكبر.. هل بمجرد أن نصبح مواطنين في الدولة -كمي الفرج- نصبح عرضة لأن تسلب حقوقنا التي اكتسبناها كبشر؟ خاصة مع عدم وجود قوانين تجرم فعلة مي الفرج أو محمد المطيري أو خالد الهاجري.
تساؤلات في موضوع أناقش فيه نفسي، وأرى من الأجمل أن نتناقش به في الساحة..
11 comments:
أين حرية الرأى التى تتكلم عنها
نحن نتمتع بحرية التعبير فى الديوانية يمكن أو من خلال مكالمات التلفون
لكن إنظر بتمعن لكل وسائل إعلامنا من صحف و محطات فضائية و غيرها ماعدا الإنترنت و هو خارج السيطرة حتى الآن
إذا أفضل كاتب مقال عربى يشكو من إنحسار الحرية دون أن يصحح أحد الوضع فهذا يعنى أن الأغلبية لا تعلم ما هى حرية التعبير
حرية التعبير يكفلها الدستور مع وجود مساحة في قانون المطبوعات (مثلا) تترك لتقدير للسلطة القضائية.. والقضاء الكويتي يميل في الغالب لتأكيد مبدأ حرية التعبير
اللجوء للقضاء والمتابعة القانونية أمر مهم بس للأسف جرى العرف في الكويت على تسوية المسائل وديا.. بينما الأحكام القضائية النهائية تكون في المستقبل بمثابة المرجعية خاصة في قضايا التعبير حيث تكون حدود المسموح والمحظور عائمة إلى حد كبير
رشيد ... موضوعك قوي
لكن للأسف الأمور غير طبيعية ومعفوسة في الكويت حتى أنني لم أستطع أن أبني قضية أو رأي بخصوص الموضوع.ـ
في البداية قلت لنفسي دعني أعتبر تلفزيون الكويت كشركة وكل شركة يهمها صورتها وعلاقاتها العامة ، ومن حقها التحقق من تصاريح موظفيها المضرة بصورتها ، ولكن أرجع للفكرة الرئيسية: هل تلفزيون الكويت الحكومي يستحق أن يقال عنه شركة ولو تقريباً؟ ... لا أعتقد.
طيب ممكن المخرج يملك كل الحرية للتصريح والرد على اتهامات النائب ، ولكن أرجع وأقول الشرهة على معازيبه الذين لم يدافعوا عن انتاجهم.
ديرة بطيخ.ـ
أعتقد باستطاعتي بناء قضية ورأي أوضح بعد أن أعرف نتيجة التحقيق ، فإذا عوقب المخرج فإنه حتماً تعدي على حريته في التعبير.ـ
الحقيقة المرة أنه فقط الإحالة للتحقيق لها نتائج سلبية في الحجم على من يريد التعبير عن نفسه من الآن فصاعداً.ـ
كما قلت ... ليس هناك أساس واضح لتبني عليه قضية أو رأي ... فليخصص الإعلام وفكونا.
لو كنت مكان المخرج لتوجهت لتلفزيون الراي أو إحدى القنوات الخليجية ، ولا هالمذلة!ـ
في المناسبة ... مبروك عودة السنعوسي إلى الشاشة .. على قناة الراي هذه المرة
جنديف
القضية ليست قضية تلفزيون الكويت فقط، بل قضية حرية التعبير بشكل عام
ولنأخذ -كما ذكرت- قضية مي الفرج على سبيل المثال.. هل كانت تمارس حريتها في التعبير في حدود القانون أم خالفت القانون؟
وإن كانت قد خالفت القانون -كما يتجه رأي الفتوى والتشريع- فإلى أي مدى يمكننا ممارسة حريتنا؟ وهل بعنا حريتنا بمجرد أن أصبحنا مواطنين؟
شروق
مشكلتي مع القضاء أنه دائماً ما يجعل الشريعة عنصر أساسي في قضايا الرأي -ربما لأن معظم القضايا المرفوعة ترفع من منظور شرعي- لكن يجب أن تكون المرجعية القانون وليس الشريعة..
قضية البغدادي خير مثال، الرسول غير معصوم (عند السنة) لكن إنتقاده.. بل وليس إنتقاده لكن إبداء رأي في مسيرته يعرضك للسجن.. وتتجه النية لدى الإسلاميين لإصدار قانون يشمل الصحابة أيضاً..
فؤاد الهاشم كتب قبل أيام عن قضية رفعت ضده لمقال كتبه عن عذاب القبر.. وفي دفاعه تم الإستناد على فتاوي للأزهر وعلماء آخرون قالوا أن مقاله غير مخالف للشريعة.. لكن القاضي رأى غير ذلك وحكم عليه بالحبس والغرامة لوقف التنفيذ!
بمعنى أن القاضي يمتلك نظرة شرعية تختلف عن الأزهر و كفتارو مفتي سوريا و محمد شمس الدين من المجلس الشيعي بلبنان
لنعد لقضية حرق العلم الأمريكي ومقارنتها بما قامت به مي الفرج.. أرى أن العملان لا يخرجان عن نطاق حرية التعبير السياسي .. والمهم كذلك.. وإن فقدنا تلك الحرية نصبح عبيداً كما هو محمد المطيري عبداً لوزارة الإعلام بغير إرادته!
عارف والله الموضوع أكبر وأوسع من تلفزيون الكويت والمخرج ، لكن استخدمتهما كمثال للأوضاع المقلوبة في البلد لدرجة أنك من الصعب بناء رأي في بعض الأحيان.
أما ما يخص حرية التعبير ، شخصياً أرى أن الدوس على الجنسية إهانة لي ولبلدي ، وواثق من أن الكثير سيختلفون معي ، ولكن في معظم الأحيان أرى حرق العلم تعبير عن الكراهية أكثر مما هو تعبير عن الرأي.
وإذا أردنا أن نقيس القضايا على أم الحريات ( First Amendment ) ، فهذا التعديل الدستوري لا يضمن لك حرية التعبير عن الكراهية (Hate Speech).. طبعاً ممكن يكون الموضوع أعمق كون الدستور الأميركي حدد المواضع الذي يكون فيها التعبير عن الكراهية.
هل السيدة الفرج خالفت القانون؟ لا أعرف إن كان هناك قانون صريح حول حرق أو الدوس على وثيقة الجنسية ، ولكن من أين يأتي القانون؟ ... نحن نشرع إذن نحن من يحدد هامش حرية التعبير.
الله يهديك رشيد ... موضوع فكري عميق وتوني خالص امتحانات فاينل ، فنلتمس العذر للأسلوب الركيك.
Jandeef
mako islob rakek,, i enjoy ur input..
Bs khl inkhali whether u agree to May AlFaraj or u dont 3ala kitir.. its not a matter of discussion..
gilt jomla wayid 3jibatni..
نحن نشرع إذن نحن من يحدد هامش حرية التعبير.
very true.. but to refine it more.. ngool ina 7oriyat alta3beer should be a reflection of the general will of the people.. there fore when someone legislates a law that regulates the freedom of speech, they should keep in mind not what they think is better for the people, but rather what the people would think is better for themselves.. ie, la tshari3 b what you think is true, but what the people would think is true.. that is the meaning of the general will.. what you think other people would want, and not your self interest..
I think I have arrived at something for myself.. thanks Jandeef :)
I just opened AlQabas,
It seems that Abdullatif AlDuaij is joining in the discussion .. Literally..
الإنسان فوق النظام
عبد اللطيف الدعيج
مبادئ النظام الديموقرطي هي الحرية والعدالة والمساواة. لكن تبقى حرية التعبير بالذات هي السمة الاساسية، وهي العنوان الواضح لطبيعة النظام وكنهه. حرية التعبير هي ما يميز الانظمة، وهي ما يجعل النظام ديموقراطيا او يضعه في خانة العداء لها. ليست صناديق الانتخاب مظهرا ديموقراطيا.. فلدينا صناديق وحتى كراتين في كل مكان ، وليست البرلمانات عنوانا للديموقراطية.. ففي دول التعسف منها الكثير. حرية التعبير هي الوحيدة التي لا يمكن تزويرها، وهي الوحيدة التي لا يمكن للدكتاتوريات تقمصها او الالتفاف عليها.
من المفروض ان تبقى هذه الحرية فوق مؤسسات النظام وحتى سلطاته. فوق الحكومة وأهم من البرلمان واكثر تقديسا من القضاء.. لكن المؤسف اننا هنا جعلناها في آخر الاهتمامات، وفي نهاية المطاف وفي الواقع تحت الانقاض. اكتب هذا بألم بعد ان حرص البعض ومنهم «ليبراليونا» على وضع بطاقة الجنسية الكويتية - هي كما هي بطاقة- فوق حرية مواطنة وأهم من حقها المشروع في التعبير الحر. لست معنيا هنا بحالة المواطنة ولا بظروفها الخاصة بقدر عنايتي بالدرجة الاولى والاخيرة بحقها في التعبير وبحقها في الممارسة العلنية والسلمية لهذا الحق.
في السبعينات، على ما اعتقد، رفض بعض مواطني الولايات المتحدة تحية العلم الاميركي بحجة تناقض ذلك وديانتهم، فكان ان حكمت المحكمة العليا باحترام حقهم في ذلك، حيث يبقى المواطن الاميركي ورأيه اكثر تقديرا واكثر احتراما من علم الوطن. هنا نحن امام بطاقة جنسية ليس إلا.. لا تستخدم الا في الانتخاب فقط، والانتخاب محرومة منه صاحبة القضية.. فكيف تحرم من التعبير عن رأيها في هذه البطاقة؟! نحن امام بطاقة جنسية يتم بيعها والمتاجرة بها والتفنن في الغش فيها عند الاكتتاب في اي شركة، لكن يحرم استخدامها اداة للتعبير عن الرأي!
المؤلم انني على يقين ان الاستهجان الذي تعرض له سلوك صاحبة الشأن يأتي اكثر ما يأتي من التخوف بل وحتى العداء لحرية الرأي منه من الانتصار لبطاقة الجنسية او حتى الهوية الوطنية، وانه جرى، مع الا سف، استغلال العاطفة الوطنية واستغلال وضع صاحبة الشأن وظروفها للحط من هذه الحرية وتدنيسها.
ü ü ü
الله يحللك يا بو الحسن
> لو كان بيدي لعينت محمد سعود المطيري وزيرا للاعلام وفيصل الحجي مراسلا عنده! ولو اني نائب في مجلس الامة لقدمت سؤالا لوزير الاعلام عن اسباب تعنيفه للسيد المطيري رغم ان كل ما فعله المواطن المطيري هو الدفاع عن نفسه، وممارسة حقه الدستوري حرية في التعبير!.
Come on, he's got to have read Sa7at AlSafat to write about the exact same arguments..
Where ever you are Bo Rakan, Thank you for joining us! :)
Bo Rakan does indeed follow the blogs... I was EXTREMELY HONORED when he copied a post that I wrote last year into his daily column, word for word without changing anything
He also recommended Abu Hafs, so we know he's having fun too
بالنسبة للموضوع... خيبة الأمل في الحجي كبيرة جداً، لكن لعلنا لا ندرك كمية الضغوط التي يتعرض لها الوزراء
أما بالنسبة للتحقيق مع المطيري.. كل ما قرأت خبر مثل هذا أتساءل عن طبيعة هذه التحقيقات. من يشرف عليها؟ ما هي نوعية الأسئلة؟ وماذا يحدث بعدها؟
http://q8tkv.blogspot.com
استمرار لنقاش نفس القضية
Post a Comment