Thursday, June 12, 2008

يبيلنا دكتاتور

يقال أن الحرية في بعض الأحيان بحاجة إلى دكتاتور يحميها.

وعادة ما يلجأ أنصار الحرية إلى تلك المقولة بعد أن تتقطع فيهم السبل الأولية الأخرى لحماية الحرية وتعزيزها، وتلك السبل تتمثل بعدة صمامات أمان من المفترض أن تتوفر في المجتمعات الديمقراطية الحية.

أولها وجود مجتمع مدني فاعل، فدور مؤسسات المجتمع المدني هو الدفاع عن الثوابت الوطنية والتعامل مع الشارع من دون تسييس، كما تلعب دور العين المراقبة على السياسيين كونها تملك قواعد جماهيرية تستخدمها في الضغط على السياسيين.

في الكويت لا يوجد مجتمع مدني فاعل، لا وجود لأحزاب سياسية حقيقية، والمؤسسات الطلابية منشغلة بالشعب المغلقة والمكافئة الاجتماعية، وجمعيات النفع العام والنقابات إما مسيسة أو نائمة أو مخترقة من قبل السلطة باعتمادها الكبير على الدعم الحكومي مادياً ومعنوياً، لذلك لا نرتجي من واقع المجتمع المدني في الكويت الوقوف ضد التعدي على مبادئ الحريات المدنية والشخصية.

ثانيها وعي الشارع، وهذه مرتبطة بالمجتمع المدني، إذ أحد أدوار المجتمع المدني المهمة هو توعية الشارع والارتقاء بالثقافة الوطنية العامة، وهذا أمر غير موجود وخير دليل معايير اختيار الناس لنوابهم بالإضافة إلى نتائج الانتخابات الأخيرة.

ثالثها وجود سلطات دستورية توازن بعضها بعضاً، وهذا غير موجود عندنا، إذ هناك خلل فاضح في مبدأ فصل السلطات وتوازنها، فتاريخياً كانت السلطة التنفيذية تنفرد بصلاحيات وقوة أكبر من غيرها، وذلك يعود بشكل كبير إلى ارتباطها الطبيعي بالأسرة الحاكمة. ومؤخراً، بدأت السلطة التشريعية تزحف على صلاحيات السلطة التنفيذية عبر التدخل في اختصاصات الوزراء في التعيينات والواسطات، والموضة الجديدة الآن هي الزحف على صلاحيات القضاء عبر التوسع في تشكيل لجان التحقيق. وأخيراً، السلطة القضائية لها الله، فهي صمام أمان السلطتين الأخريين، ولكن يدها مغلولة في ظل بقاء حق اللجوء للمحكمة الدستورية حصرياً للحكومة ومجلس الأمة.

رابعها هو وجود تيار مدني سياسي قوي ممثل في البرلمان، وبدون أي إطالة، راس مالنا محمد الصقر وعلي الراشد ومحمد العبدالجادر وصالح الملا ... هذا تيارنا :)

صمام الأمان الأخير هو وجود "دكتاتور ديمقراطي" إن صح التعبير يتدخل متى ما دعت الحاجة لحماية ثوابت الحرية والديمقراطية، ولعل المثال الوحيد الذي شهدته الكويت هو الشيخ عبدالله السالم، خصوصاً في موقفه من أزمة المادة 131، عندما ارتأى حل الحكومة بدلاً من البرلمان نأياً بالتجربة البرلمانية عن التشكيك وهي لا تزال في مهدها. ومنذ وفاة عبدالله السالم، فالحكم دائماً ما يبدي حساسية تجاه الاصطفاف مع الديمقراطية والحريات، وواقع الحكومة الضعيفة بخضوعها لابتزاز الإسلاميين لا يبشر بقرب ظهور الدكتاتور الديمقراطي.

إذاً ما العمل؟

أعتقد أن في ظل واقع التيار المدني الحالي، تبقى لنا محاولة أخيرة في إيجاد نافذة نستطيع من خلالها استعادة ما سلب منا على مر السنين على يد السلطة أو الإسلاميين، وهي تعديل قانون إنشاء المحكمة الدستورية بحيث يسمح لنا كأفراد اللجوء إليها متى ما مست حقوقنا وحرياتنا، عندها لن نحتاج لاستجداء الحكومة ولن تؤثر فينا خيبات أمل التيار المدني.

هذا المقترح تم تقديمه قبل ثلاثة أيام ...


هذه خطوة أولى، وهي بالنسبة لي شخصياً أملي الوحيد والأخير.

أما غير ذلك، نقعد ننطر لين يطلع الدكتاتور.