Friday, September 21, 2007

الخرافي صلح غلطته


صلح غلطته


رغم خيبة الأمل عند انتخاب الخرافي رئيساً للمجلس الحالي، قلت أنه على الأقل سيوفر لنا مادة للكتابة طوال عمر المجلس، وفعلاً ما خيب ظني، ولكن هذه المرة تكرم علينا أكثر من اللازم، إذ دائماً ما تكون مواقفه من القضايا الوطنية الكبرى هي المادة، لكن هذه المرة كانت فزعته لنائب الإخوان المسلمين خضير العنزي أثناء غياب المجلس هي مصدر الإلهام.

لقد تعودنا على تدخل بعض صبيان مجلس الأمة في عمل القضاء عبر التوسط للمتهمين، ولكن ما لم نشهده من قبل هو تدخل رئيس مجلس الأمة وممثل السلطة التشريعية في اختصاصات السلطة القضائية، جاسم الخرافي أمس أسس سابقة جديدة في انتهاك مبدأ فصل السلطات، وتدخل لدى النائب العام للإفراج عن خضير العنزي المتهم بالإساءة إلى رجال القضاء.

صدق بوراكان عندما قال "الخرافي نكبة الديمقراطية الرابعة"، إذ لا أعتقد أن الكويت ستشهد نائباً أو حتى رئيس مجلس أمة مثله، فقد وقف مبرراً عبث الحكومة بتقسيم الدوائر إلى 25 عام 81 عند مناقشة المراسيم الصادرة أثناء الحل، وعند حل مجلس 85 هرع للمشاركة في الحكومة غير الدستورية بينما غيره من النواب والشعب يعتقلون ويضربون بالعصي والقنابل المسيلة للدموع، وفي حق المرأة صوت ضدها، وظل يكرر "أنا مع حق المرأة ولكن في الوقت المناسب"، وعندما أقر الحق قال "ما قلت لكم في الوقت المناسب؟"، رغم امتناعه عن التصويت.

وأثناء حملة "نبيها 5" التزم الصمت إعلامياً، رغم أنه كان يتصل بالشباب الذين أرسلوا له الرسائل ويذم بنظام الخمس، إلى أن أتى التصويت النهائي وصوت مع شبه الإجماع على الخمس مؤثراً عدم السباحة عكس التيار، ناهيك عن منع الجمهور من دخول المجلس وطلب القوات الخاصة ثم قسمه الشهير بأنه لم يقم بذلك.

إذاً في القضايا الوطنية التي من المفترض منه أن يقف في صف الأمة والديمقراطية كونه نائب منتخب، يتخذ الجانب السلبي، أو يلتزم الصمت في أحسن الأحوال، وعندما يتعلق الأمر بتجاذب بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ينصب الخرافي نفسه حكماً بينهما مع ميلان واضح للتنفيذية، رغم أنه انتخب رئيساً ليمثل وجهة نظر المجلس، إلا أنه هذه المرة تخلى عن دور الحكم وفزع بإسم السلطة التشريعية ضد القضاء لصالح نائب متهم ليست لديه حصانة.

في القضايا الوطنية يكون بصف السلطة، والآن يستغل سلطته للتدخل في القضاء... هذه الكويت اللي تبيها يا بوعبدالمحسن؟

ولكن ما السر وراء الفزعة لنائب الإخوان؟

إنه الزواج الباطل بينه وبين إخونجية حدس، فأحداث العام الماضي فرضت عدم الاستقرار على علاقته بهم، إذ عندما كان يتصل بشباب "نبيها 5" كان يحرضهم ضد الخمس دوائر "لأن الأخوان راح يسيطرون على المجلس يا وليدي"، وبعد الانتخابات مباشرة يترزز باحتفال حدس لكسب أصواتهم للرئاسة، وفي انتخابات الرئاسة، حرص الإخوان على عدم تحديد موقفهم المؤيد للسعدون حتى النهاية بعد أن "توبكوا" الحسبة للخرافي، وظلوا يؤيدون السعدون في العلن بينما يحشدون للخرافي في الخفاء، مثل الأب الذي يستحي من الاعتراف علناً بإبنه غير الشرعي، ولكن قبل الخرافي بذلك طالما كان كرسي الرئاسة مضموناً.

ثم استقرت العلاقة بعض الشيء إلى أن رفعت الحصانة عن نائبي الإخوان جمعان الحربش وخضير العنزي في أبريل الماضي تلقائياً نتيجة عدم دعوة الخرافي لجلسة لمناقشة الطلب، ونشر الحربش وقتها تصريحاً شديد اللهجة حمله فيه مسؤولية رفع الحصانة عنه.

والآن جاء الخرافي بفزعته لخضير لـ "يصلح غلطته"، ضارباً بمبدأ فصل السلطات عرض الحائط، ومستغلاً كرسي الرئاسة في التدخل في قضية ما زالت قيد التحقيق، ويقول الخرافي أن كتابه الذي أرسله للنائب العام للإفراج عن خضير ليس إلا "التماساً" لأنه يستطيع أن "يكفل نفسه"، بينما يقول النائب العام أن النيابة أفرجت عنه على أساس أن "المجلس كفله"، وشتان ما بين الإثنين.

الخرافي أفتى في كتابه أن "العنزي باستطاعته أن يكفل نفسه كونه نائباً عن الأمة من دون الحاجة إلى دفع مبلغ الكفالة للإفراج عنه"، ونتمنى أن ينورنا أحد على أي مادة في الدستور أو قانون الإجراءات استند الخرافي، لأني فعلاً لا أعرف.

حرص الخرافي على حسن علاقته مع الإخوان أساسه انتخابي، فمع نظام الخمس لن يجديه نقل 500 صوت للشامية، وهو رأى كيف احتكمت الانتخابات الماضية لتوجيه الشباب الوطني والمدونات، ويعلم أنه لن يجدهم بجانبه، لذلك هو يعول على تبادل الأصوات مع التيار الديني، وقربه من الإخوان لأنهم يقودون التيار الديني كونهم الأكثر تنظيماً وخبرة في الانتخابات.


آخر الموضوع:

فزعة الخرافي أعطت الإخوان الجرأة للطعن في القضاء، فخضير يقف متهماً في قاعة المحكمة ويتهم القاضي بالتعسف، ولأن القاضي مصري الجنسية، ما أن أفرج عن خضير حتى بدأ بالتلويح بـ"تكويت" القضاء ومشروع قانون لـ"مخاصمة رجال القضاء والنيابة على الأخطاء الجسيمة التي يرتكبونها خلال أعمالهم"، والحربش يتهم النيابة بالتعسف.

مع احترامنا لحق الجميع في نقد أي سلطة، إلا أن "تعسف القضاء وتكويته ومخاصمته" لم يطرأوا على بال الإخوان إلا "يوم دش خضير السجن."



"خضير .. والـ Three Muskateers"


خارج الموضوع:

خبر كسب مسلم البراك قضية ضد "الوطن" سقط سهواً من صفحات الجرائد، تجدونه عند بيت القرين.