Wednesday, January 24, 2007

حسين

حسين، شاب اقترب من التاسعة عشرة من عمره. ولد في الرميثية لأب وأم أحباه حباً جماً، فعلاوة على أنه آخر العنقود إلا أنه لم يكن كإخوانه وأخواته "الشياطين". كان حسين يحب الرسم، وكرة القدم. منذ صغره كان يركل الكرة بقوة على الحائط، كانت من النوع الهوائي الذي لا يمكنك توقع إتجاهها عندما تركلها، لكن حسين بمهارة فريدة كان يستطيع التحكم بها. في المدرسة، كان ينتظر حصة "الألعاب" ليلعب الكرة، وكان يغار من عبدالله جارهم، حيث كان عبدالله يلعب الكرة في مدرسته بعد ساعات المدرسة وكانوا يتبارون مع المدارس الأخرى، كما كان زي مدرسة عبدالله (الأزرق والأبيض) أجمل من زي مدرسة حسين الرمادي والأبيض. كان يحزن عندما يلعبون كرة السلة في حصة الألعاب بدل كرة القدم التي كان بارعاً بها بشهادة زملائه.
-
لم يكن حسين يعرف جاسم يعقوب وفيصل الدخيل، إلا أنه سمع بهم، وشاهد مبارياتهم عندما كبر. أحب عبدالله بلوشي، وفيصل الدخيل -رغم أنه قدساوي- . كبر على ألعاب وبران وبدر حجي والهويدي وبشار، وأعجب جداً بزيدان منذ كان في يوفنتوس، وفيغو منذ كان في برشلونة، فاجتمع الإثنان بريال مدريد فكان فريق أحلام حسين. يذكر حسين كيف حضر بصحبة والده مباراة أرسنال ومدريد قبل أعوام أثناء زيارتهم للندن، وكيف سجل زيدان هدفاً رائعاً. يذكر فرحته، وفرحة زيدان، الذي اعتقد أن عيناهم التقتا لبرهة أثناء اللعب فقد كانت مقاعدهم قريبة من الملعب.
-
لعب حسين في النادي العربي، لأنه كان عرباوي بالوراثة. كان مولع بخالد عبدالقدوس و تسديدات عبدالعزيز عاشور، الذي حضر تدريبهم في إحدى المرات ليحدثهم عن الكرات الثابتة. كان حسين أفضل لاعبي النادي، فتم اختياره لمنتخب الناشئين. كان يلعب مع فريق تحت 19 وهو في الرابعة عشرة من عمره، وعندما بلغ الثامنة عشرة، لعب مع الفريق الأول للعربي، ورغم إحباطات الخسائر، إلا أنه كان يجد متعة نابضة في اللعب، وأمل جميل بأن يتفوق فريقه، فتاريخه يشهد. كان حسين يحب الجماهير، وهم يحبونه ويرون فيه مستقبل الفريق.
ماذا كان يريد حسين؟
من تشجيع والده له، رأى حسين أنه لا مانع من أن يكون زيدان الجديد، أو فيغو. "على الأقل أبدأ بالخليج، وبعدين أنتشر،" كان يقول لنفسه.
وأتت فرصته، وتم اختياره وهو في الثامنة عشرة، ليمثل الكويت مع المنتخب في بطولة كأس الخليج الثامنة عشرة، والتي انتهت آمال منتخب الكويت فيها أمس. أحس حسين لبرهة بأنه بيليه، الذي شارك منتخبه وهو في السادسة عشرة، فعندما يتم اختيارك بهذا السن للمنتخب، لابد وأنك لاعب ممتاز.
-
جو جديد في البطولة لم يعتد عليه هذا الشاب، وهو الصغير طري العود على السفر مع مجموعة كبيرة من الشباب، جميعهم يكبرونه سناً. كان هادئاً في الجلسات، بالكاد يعرف من حوله أنه موجود. إن سأله أحد، كان يرد بكلمة أو كلمتان. بعض اللاعبين ساعدوه على التأقلم على الأجواء الجديدة، فقد رأوه موهوباً أثناء التدريبات، أثار إعجاب اللاعبين والمدربين.
تعادل المنتخب بمباراته الأولى مع اليمن. لم يلعب حسين. كان يقول لنفسه "يمكن ليش إني صغير ويديد." وقال له المدرب أن يجهز نفسه للمباراة القادمة، لأنه سيلعب.
-
وبدأت المباراة الثانية، وحسين في الإحتياط. كان يغلي من الداخل "وعدني ألعب، شلون مقعدني هني؟"، كان يرى أخطاء زملائه الذين يكبروه سناً، بوده أن يصرخ ليصححها. عرف حجمه وسكت. وقبل نهاية الشوط الثاني، الفريق يخسر، وحسين يغلي، ناداه المدرب وأمره بالإحماء. بينما هو يركض للإحماء، يتذكر حسين أول ذكرياته مع كأس الخليج، قطر.. هدف الفوز لبشار.. علم الكويت كبير في المدرجات. وبينما يرفع يداه في الهواء، يتذكر كيف كان يحاول التقاط الكرة من والده وهو صغير، ليركلها بقوة على الحائطز ابتسم.
-
دخل حسين، مرر تمريرة لليسار، مررت بعدها بعرض الملعب. هدف التعادل للكويت.
كان يعرف الملعب كراحة يداه، تنقصه بعض المهارات وهو يعلم ذلك جيداً، إلا أن طموحه جارف.
في المباراة الأخيرة، لعب حسين في الدقائق الأخيرة، وأجهش بالبكاء بعد المباراة على أرض الملعب.
حسين محسن الموسوي، لا أعرفه شخصياً، اختلقت القصة من وحي خيالي، لكن يخالني شعور بأنها ليست بعيدة عن واقع حسين الموسوي ومئات مثله. يطمحون، فيبكون، ويبكون، فيختفون.
-
أحلام الشباب
نحن لا نتحدث هنا عن "رفع إسم الكويت في المحافل الدولية"، بل نتحدث عن قتل لآمال العديد من الشباب وطموحاتهم.
إن الاستثمار في شباب الكويت هو أعظم استثمار، أهم من القروض و"صندوق جابر"، و جسر ومستشفى وبنك جابر، أهم من استجواب وزير الإعلام. يكفي أن تتحطم آمال 22 لاعب كرة قدم في المنتخب، وغيرهم في السلة والطائرة والكاراتيه والجمباز وألعاب القوى. حلم ذاك الذي كان يحلم أن يصبح مايكل لويس في الجري، والآخر الذي حلم بأن يكون جوردن في السلة، وذاك مارادونا في كرة القدم. لقد تحطمت آمال هؤلاء، فلننظر إلى المتبقين، إلى ذاك ذو الثمانية أعوام الذي يطمح لأن يكون لبرون جيمز في السلة، والآخر ذو العاشرة الذي يعتقد أنه ممكن أن يكون روني في الكرة، أو فيديرر في التنس. لقد دمرنا بما يكفي، فبئس لنا كمجتمع أو دولة إن لم نستطع أن نحقق حلم حسين الموسوي لأن طلال الفهد يحب كرسيه أو لأن أحمد يريد أخيه خالد أن يكون رئيساً للإتحاد ليكتمل العقد.
-
في بطولة الخليج، رأيت لاعبوا الكويت أبطالاً في الملعب، لقد أدوا أكثر من المطلوب، وكانوا ضحية كالعادة لأشخاص رأوا أن إنجازهم الذاتي أهم من إنجاز المجموعة.. أرادوا إرضاء غرورهم على حساب تحقيق أحلام وآمال شباب منطلق. ونحن هنا لا نتحدث عن طمباخية وشباب يستانسون باللعب، لأن هذا دور مراكز الشباب، لقد أصبحت الرياضة "بزنس" بالمليارات.
-
لقد حان الوقت لأن تنعتق الرياضة من استقطابات الشيوخ والعوائل والقبائل. المطلوب ألا نتحدث بالعموميات، نقول إحتراف ونسكت، أو "تفرغ" ونحن نعلم أنه حل ترقيعي. نحن بحاجة لحلول جذرية تنسف النظام الرياضي الحالي وتعيد بناءه (ستكون لنا عودة لهذا الموضوع).
-
لقد تعددت ردود الفعل عقب خسارة الأمس، وبرأيي المتواضع فإن جميعها لا تحقق شيئاً، لا استقالة إتحاد الكرة ولا مسيرة الإصلاح الرياضي (السبت 3:30 من مجلس الامة إلى مجلس الوزراء)، فكلها لا تأتي بحلول واضحة ومباشرة. إستقالة إتحاد الكرة فيلم كبير لإقالة أحمد اليوسف، والذي هو برأيي كبش فداء ولا يلام، فهو نتاج نظام ونهج استحواذي لأصحاب الغرور ومحبي الذات.
-
فتش عن أحمد
أحمد الفهد بعد خروج المنتخب يقول "نحن أدينا اللي علينا، والمنتخب الكويتي تفوق على نفسه لكن تنقصه الخبرة. وهذه الخسارة اللي ممكن للإنسان أن يقبلها لأننا خسرنا بعد أداء قوي." ومع احترامي لأحمد الفهد، فلا أعتقد أنه –كمسئول- أدى اللي عليه. منتخب الكويت لعب لروح الشباب اللي فيه، وليس لأنك أديت اللي عليك.
الغريب أنه في كل مشكلة في الكويت (الطاقة، الدوائر، الرياضة) لازم يكون أحمد الفهد موجود!
-
لقد آن الأوان لننظر في عينا حسين، وغيره من شباب الكويت، وأن نتيح لهم الفرصة تحقيق آمالهم وطموحاتهم، لا أن نأتي لهم بمدرب عالمي أو نؤخر إمتحانات طلبة الجامعه من اللاعبين.
-
تساءلت وأنا أدمع على صورة حسين وهو يبكي بعد المباراة، "لماذا لم أرى أبداً إدارياً يبكي على خسارة؟".
يجب علينا أن نعطي الشباب حقه، ويجب علينا أن نلتفت للرياضة بجدية.. الآن.

وللحديث بقية.
-
-
في الموضوع القادم:
- كيف نطور رياضتنا؟
- استقطابات العوائل والقوانين الجديدة.
- محاولات لعرقلة جلسة الرياضة المقبلة.

Tuesday, January 16, 2007

يسويها البخت

يســـويهــا البـخـــت


كتبت في الموضوع السابق عن تعامل بعض الأطراف مع موضوع إسقاط القروض ، واليوم أكتب عن بعض تبعات نتيجة التصويت عليه بالرفض في مجلس الأمة ، وهي أفكار تبلورت بنقاشات متفرقة مع الزميل مبتدئ.


بورمية .. والذكاء السياسي

نبدأ مع سارق الأضواء في الموضوع النائب ضيف الله بورمية ، وقد قلت في الموضوع السابق أنه حصل على مبتغاه من زخم إعلامي وغوغائية شعبية بغض النظر عما كان سيؤول إليه الموضوع بالأساس ، وهو بالمناسبة نهج سينتهجه كثيرون من كتلة المستغلين كالسبيل الوحيد لتوسيع القاعدة الانتخابية في نظام الخمس دوائر ، إلا أن عزم بورمية استجواب وزير المالية سوف يهدم كل ما بناه من شعبية أياً كان نوعها ، حيث سيكون عشمه الوحيد هو الاستعراض وإثارة صخب الجمهور ، وهو أمر غير وارد - نظرياً على الأقل - في ظل اللوائح الجديدة لحضور جلسات المجلس ، لذلك إن كان لدى بورمية أي ذكاء سياسي فمن الأجدر أن يحافظ على ما تكسبه ويقف عند هذا الحد (ولو أني أتمنى أن يستمر حتى يقبر الموضوع وصاحبه سياسياً) ، ولكن يسويها البخت ويعتمد على استجوابه لوزير الصحة الأسبق محمد الجارالله كسابقة ناجحة ، حيث قد يكون مصدق نفسه بأنه أرغم الجارالله على الاستقالة بينما يعلم ونعلم أن طرح الثقة بالجارالله كان متكتك من داخل الحكومة ومن صنع أحمد الفهد.


الكتلة الدينية .. احتضار مزمن

نأتي الآن إلى مواقف الكتل البرلمانية. لقد دق بورمية مسماراً آخراً في نعش الكتلة الدينية داخل المجلس وزادها تفككاً ، وأصبح التراشق فيما بين أعضائها بالعلن ، وأصبح إسمها يخرع فقط مظهراً لا جوهراً ، فخلافاتها تتعمق باستمرار ، وتصويتاتها منذ المجلس السابق غير متفقة ، وبدأت بداية سيئة في المجلس الحالي مع انتخابات الرئاسة واللجان وغيرهما ، وقد لا يكتب لها التوافق إلا بالقضايا المتعلقة بالدين ، ولا سبيل لها بالاستمرار بقوة إلا بسن ضوابط صارمة بإلزامية قراراتها ، الأمر الذي سيقلص عدد أعضائها بشكل كبير.


كتلة العمل الوطني .. محك صعب

كتلة العمل الوطني كانت منسجمة مع ما كان يتوقع منها بالتصويت ضد إسقاط القروض ، ولكنها أمام محك مهم وهو مقترح زيادة الرواتب 50 دينار الذي سيناقش قريباً ، حيث سيصعب على أعضائها - لأسباب انتخابية - رفض مقترحين شعبويين في فترة قصيرة ، فإن كان بالإمكان تفنيد مقترح القروض بدواعي عدم العدالة والعشوائية وغيرهما ، فتفنيد مقترح زيادة الرواتب سيصبح أكثر صعوبة كونه بالإمكان أن يتم تحقيق عدالة نسبية به وتدعيمه بدراسة ما.


القبلية والطائفية لا زالت تطغى

أكثر الكتل إثارة للإهتمام هي التكتل الشعبي ، حيث عرّى تصويت القروض التكتل الشعبي وفرز أعضائه بشكل قد يعكس الواقع السياسي في الكويت ، فقد أيد إسقاط القروض كل من النواب محمد الخليفة ومرزوق الحبيني ومسلم البراك ، وعارضه أحمد السعدون وأحمد الشحومي وحسن جوهر ، وامتنع عن التصويت أحمد لاري وعدنان عبدالصمد ، وتبدو فواصل الفرز القبلية/الطائفية واضحة ، أضف إليها اعتبارات انتخابية كان من الصعب تلافيها.

وما يثير الاهتمام أكثر هو بروز التكتل الشعبي في السنوات السبع الماضية على أنه واجهة المعارضة ، إلا أن موضوعاً كإسقاط القروض يحرجه على هذا النحو ، مما يطرح التساؤل بجدوى التكتل والتحزب بناء على مواقف آنية وليس مبادئ فكرية ثابتة ، ومحاولة الإجابة على هذا التساؤل قد تعطينا فكرة لمستقبل التكتل الشعبي أو أي تكتل مبني على مواقف ، خاصة في نظام الخمس دوائر.


حدس .. متماسكة

وما يؤكد التساؤل هو بروز الحركة الدستورية الإسلامية - وهي عضو في الكتلة الدينية وقائمة على مبادئ فكرية وأساس حزبي محترف - بتماسك أعضائها الستة في تصويتهم ضد إسقاط القروض رغم صعوبة تلافي الاعتبارات الانتخابية لبعض أعضائها كجمعان الحربش وخضير العنزي ومحمد البصيري ، ويبدو أن حدس وصلت لمرحلة من الثقة من حيث التعامل مع الاعتبارات الانتخابية على أساس حزبي عام وليس منفرد لكل عضو من أعضائها ، ولكن يظل بوطبيع ما يجوز من طبعه ، فلا تمر أي قضية على الإخوان المسلمين دون حسابات ربح وخسارة ومحاولة اللعب على الحبلين ، فها هم قدموا حزمة مقترحات بديلة عن إسقاط القروض ولكنها تخدم الهدف نفسه في تبذير ميزانية الدولة وترسيخ المفاهيم الاستهلاكية التي تشدقت بها الحركة في رفضها لمقترح بورمية.
---------

موضوع متصل: أنظر العنوان

في النهاية يتوجب التطرق لما يطرح بالساحة من توزيع ما يسمى بـ "منحة ولي العهد" كبديل لإسقاط القروض أو زيادة الرواتب ، وهي يقصد منها إسكات الغوغاء من الجمهور وسحب البساط من تحت بورمية وغيره وبدء تكوين قاعدة شعبـ(و)ية للأمير القادم ، رغم اتساع المجال لصنع الشعبية بتكريس المواطنة ودولة المؤسسات ، ورغم أن نفي الحكومة اليوم بالصحف لأي أقاويل عن منحة يبعث بعضاً من الاطمئنان ، ألا أن ليس هناك من يأمن حكومتنا ، خاصة أن ما يدار من أقاويل يحوم حول احتمالية توزيع منحة ولي العهد أثناء احتفالات العيد الوطني وعيد التحرير ، أو الذكرى الأولى لجلوس الشيخ نواف الأحمد ، لذلك ننتظر لنرى.ـ

Sunday, January 07, 2007

كله من البرتقاليين


كله من البرتقاليين



عدت سحابة إسقاط القروض وطخت أصوات الزعيق بعد أن سندرت رؤوسنا خلال الشهرين الماضيين أو أكثر ، ولم نشأ الكتابة عن الموضوع أثناء تداوله لأننا لم نره كقضية تستحق المناقشة ، ومجرد الكتابة عنه يلبسه ثوب أكبر بكثير من حجمه ، بينما الموضوع لا يعدو سوى بعضاً من التكسب الانتخابي واستسهال النزول للشارع الذي للأسف بات يفقد هيبته التي أعطتها إياه حركة "نبيها 5" ، ومع سقوط المقترح فإن بورمية - مع خَمال الحكومة التي كان بإمكانها إخماد الموضوع منذ البداية لو كان لديها بعض من الحنكة الإعلامية - حصل على ما كان يصبو إليه من غوغاء شعبية يصاحبها زخم إعلامي ، وبالنهاية ما رميه إلا "هوا بشبك" على قولة يدتي.


الخرافي ومنع الجمهور

الأهم مما سبق هو تعامل بعض الأطراف مع مجريات الموضوع ، بدءاً برئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي وطريقة إدارته لجلسات - أو غوغاء - القروض بعد أول جلسة أثار بها الجمهور فوضى وقلة أدب ، حيث قام الخرافي بمنع الجمهور من دخول الجلسة التالية قبل ابتدائها ، وهو إجراء مشابه للذي اتخذه مع حركة "نبيها خمس" ، وقد تصدى لإجراء منع جمهور جلسة القروض مجموعة من نواب تكتل الـ 29 (تكتل الخمس دوائر في المجلس السابق) تحسباً لأي محاولة لإسباغ شرعية على إجراء منع شباب وشابات نبيها خمس من دخول المجلس في مايو الماضي وجعله سابقة يبنى عليها ، ولما كان لرئيس المجلس الحق في طلب عقد الجلسة بسرية حسب المادة 69 من اللائحة ، إلا أن النصاب في جلسة القروض لم يكن متوفراً بالأساس حتى تتم مناقشة الطلب ، وبالنهاية تم السماح للجمهور بالدخول.

وما أن مرت أيام حتى صدرت عن مكتب المجلس لوائح متشددة في دخول الجمهور والاعلام ، ومنها السماح للفضائيات بنقل ما يعطى لتلفزيون الكويت يا الله من فضلك ، وهو أمر يعاكس اتجاه زيادة الحريات والشفافية ، أو ما ذنب وسائل الإعلام - وبالأصح المشاهد - إذا كانت رئاسة المجلس عاجزة عن ضبط النواب والجمهور؟


الوطن ما غيرها

نأتي الآن إلى تعامل الصحافة مع الموضوع ، حيث بدت واضحة أجندة جريدة الوطن ومحاولة ربطها بين غوغاء القروض وحركة "نبيها خمس" لتقليص الدوائر ، وصورت الموضوع على أن تجمعات نبيها خمس هي التي أدت إلى تطاول الجمهور على المؤسسة البرلمانية ، واجتهدت بالتشويش على الهدف الذي جاءت حركة نبيها خمس من أجله وهو إصلاح المؤسسة البرلمانية ، وأبدعت الوطن بنقل قلة الأدب بالصوت والصورة من أكثر من زاوية ، وتكاد لا تجد مانشيتاً واحداً عن القروض إلا وبه كلمة دوائر حتى يعطى الانطباع لدى القارئ بأن الأمرين سيان ، تبعتها بذلك جريدة الراي ولو بأقل حدة.

وحتى "تتوبك" الوطن الابتذال المحيط بجلسات القروض قامت بإنتاج فيديو من نفس ملاقة بونبيل وبوقتادة يستهزئ بمجريات جلسة مجلس الأمة لمناقشة قضية التعليم ويسخر من بعض النواب ، والأمر كله لا يعدو سوى تسفيه بالمؤسسة البرلمانية ، اتساقاً مع الأجندة إياها.


قانون التجمعات الجديد القديم

عموماً ، يأتي كل ذلك بالتزامن مع تقديم الحكومة لمشروع قانون تجمعات بديل عن القانون البائد الذي أسقطته المحكمة الدستورية قبل أيام من تجمع "نبيها خمس" الأول أمام قصر السيف ، وأتى القانون الجديد كنوع من إعادة الصياغة للقانون القديم ، وظلت القيود على الحريات كما هي إن لم تزد بينما يفترض من القانون أن يكون منظماً للحريات وليس مقيداً لها ، وكأن المراد منه خلق الانطباع بأن "كله من البرتقاليين" ، خلف الله على البرتقاليين ، حتى ساحة الإرادة غيروا إسمها.

عموماً لا يخفى على أحد أن تحرك "نبيها خمس" المنظم عوّر البعض ، ولا شك في أن هناك توجس من قبل أطراف عديدة من تبعات "نبيها خمس" المستقبلية خصوصاً في ظل نظام انتخابي يسير باتجاه حتمية العمل الجماعي المنظم ، وهو ما تؤكده الساحة حالياً مع كثرة تفريخ التنظيمات والحركات السياسية والرياضية والاجتماعية ، فعلى الرغم من تشتتها حالياً وافتقارها لأي تنسيق ، إلا أن مجرد إيمان الشباب بالتجمع والتنظيم والتحرك كاف لإرعاب الكثيرين.

--------

خارج الموضوع: خلل نفطي

ديوان المحاسبة يقول أن هناك "خلل" ما أو تباين فيما بين كمية إنتاج النفط الخام وكمية صادراته الواردة بتقارير شركة نفط الكويت ووزارة الطاقة في عهد وزيرها السابق الشيخ أحمد الفهد، وتطرق للموضوع موقعا الجاسم والأمة.

بانتظار مزيد من التفاصيل والمعلومات عن الموضوع قبل إطلاق أي أحكام.

-------

خارج الموضوع مرة ثانية: كل عام وأنتم بخير

سامحونا على القطاعة والقصور. جميل جداً الشعور بعودة المزاج الساحة - صفاتاوي وكتابات تالي الليل.ـ