Tuesday, February 09, 2010

كابتن مرزوق 2

كتبت عنه قبل سنة تقريباً، وقبل يومين فارقنا.



خالص العزاء للكويت ولأسرة اللواء طيار متقاعد مرزوق مبارك العجيل.

وشكراً لوزارة الدفاع لنعي أحد روادها الأوائل، ولكن النعي لا يكفي، فأكرر ما قلته قبل سنة عن تخليد ذكرى وإنجاز أول طيار عسكري وآمر سلاح الطيران الكويتي الأسبق، بإطلاق إسمه على إحدى القواعد الجوية أو المطارات، فهذا أقل ما يمكن أن تقدمه الدولة لأحد أبنائها المخلصين.


Monday, February 01, 2010

العقل زين


التجاذبات ما بين الجهات الشعبية والسياسية وبين السلطة الحاكمة ليست بالشيء الجديد على الكويت، وقد كانت التجاذبات تصل أحياناً إلى مرحلة الندية والخصومة والقسوة في النقد أو حتى القطيعة، لكنها دائماً ما كان يسودها نفس من المسؤولية والحكمة وبعد النظر والإحترام، وعندما نقول الإحترام فنقصد به إحترام المقامات أكثر مما هو إحترام الأشخاص المتفاوت بطبيعته، ولنا في التاريخ أمثلة كثيرة في ما تم توثيقه من أحداث ومراسلات بين المعارضة والسلطة سواء في عهد الشيخ مبارك الصباح، أو في رسالة أهل الكويت إلى الأسرة بعد وفاة الشيخ سالم المبارك، أو في التجاذبات ما بين الشيخ أحمد الجابر وأعضاء المجلس التشريعي، أو حتى في المراسلات الموجهة إلى الأمير وولي العهد أثناء حركة ديوانيات الاثنين. فاللغة المستخدمة فيها تساعد على فهم طبيعة الصراع في تلك الحقبات.

الثابت هو أنه لم تصل تلك التجاذبات أبداً إلى مرحلة الإرتزاق والوقاحة والخلط ما بين الخصومات الشخصية أو حتى السياسية، وبين إزدراء المقمات المصانة دستورياً، أو الواجب صونها من واقع بعد نظر ومصلحة عامة.

لم أستطع مقاومة الشعور بالغثيان من قراءة مقال محمد الجاسم الأخير على موقعه لسببين: الأول هو فقدان الموضوعية والمصداقية بسهولة فقط لتسجيل نقاط سياسية وقتية تجسد في توصيف عودة الشيخ سالم العلي والإستقبال الذي حظي به، ولكن بعد الوطن والناقلات ما على الجاسم شرهة في الموضوعية والمصداقية، لكن السبب الثاني وهو الأهم، ما يحمله المقال من نفس خطير وتلميح غير مسؤول في تعرضه غير المباشر إلى مسند الإمارة.

لمصلحة من التلميح الفج في إزدراء مسند الإمارة؟

الكلام سهل، و"فشة الخلء" أيضاً سهلة، ولكن الصعب هو أن يضمن الإنسان بعض من الحكمة والمسؤولية وبعد النظر في كلامه قبل أن يتفوه فيه. لا أرى أي مصلحة عامة من النفس الآتي من المقال سوى مصلحة الجاسم نفسه في صنع البطولات وتطهير ثوب الماضي الملطخ.

وليس أدل من ذلك سوى "أطروحة" المقال بأكمله، بأن الشيخ سالم العلي هو "الرمز المنتظر".

أتفهم هذا الطرح لو كتبه أحد المطبلين الجدد على الكتابة، ولكن حين يطرحه الجاسم الذي - والحق يقال - لديه قلم كاريزماتي وقدرة على التحليل وساهم بشكل أساسي برفع سقف الطرح، فلا أستطيع أن أصف هذا التحليل إلا بالسخف والعمى السياسي لتسجيل نقاط سياسية آنية فقط ليشفي غليل خصومة يعرفها الكثيرون مهما حاول الجاسم تزيين كتاباته بـ "والله مصلحة الكويت عندي فوق كل شيء" وباقي الكلام الفاضي اللي ما يمشي علينا.

والا بذمتكم، من منكم يبلع قول الجاسم أن الإستقبال الذي حصل هو فعلاً "عفوي" لو لم يقم الشيخ فهد سالم العلي (وهذا الثاني بعد قصته قصة) بالترويج له في الأسبوعين الذين سبقا العودة، ولو لم يقم الإعلام بحشد الناس وجعلهم يصدقون أن فعلاً عليهم الخروج للإستقبال؟ من منكم يبلع سذاجة طرح الجاسم الحالم وكيف "كروت" المقال ببدايته أنه أولاً اعتقد أن الاستقبال مفتعل ولكنه ما شاء الله تبارك الرحمن أكتشف لاحقاً أنه عفوي؟

ومن منكم يبلع ما يطرحه بأن الشيخ سالم العلي هو فعلاً الرمز المنتظر؟ هذا ونحن نعلم أن الشيخ سالم العلي مبتعد عن العمل السياسي منذ زمن طويل ما عدا الفترة المحيطة بوفاة الشيخ جابر الأحمد، ومع ذلك فإن الشيخ سالم وهو بصحته ووجود الشيخ سعد العبدالله على قيد الحياة لم يتمكن من تحقيق المعادلة القطبية التي يتحدث عنها الجاسم، فكيف سيكون الآن هو الرمز الذي سينتشل البلد؟ ويريد الجاسم أن نصدق بأن طرحه موضوعي ورزين وفيه مصداقية؟

نقول هذا مع كامل الإحترام للشيخ سالم العلي والتقدير التام لظروف مرضه ومشاعر أسرته ومحبيه الحقيقيين، فهناك الكثير مما يمكن مناقشته عن الشيخ سالم العالي كسياسي ولكن لسنا بمعرض ذلك في هذا الموضوع، فلا هو وقته ولا لذلك أي أهمية في الواقع السياسي الحالي. ولكن المؤسف هو أن يزج بالشيخ سالم العلي بشكل ساذج لإذكاء خصومة سياسية مكشوفة، والمؤسف أكثر هو أن يصاحب ذلك إنعدام تام للمسؤولية والحكمة في التطرق والتلميح لمسند الإمارة بهذا الشكل.

الآن، هل يلام الناس عندما يصدقون كلام أمثال نبيل الفضل عندما يقول أن للجاسم مآرب أكبر من النقد الهادف والإصلاح السياسي، وأنه مهووس بإزدراء رأس الهرم؟

على فكرة، عندما يطرح نبيل الفضل هذا الطرح فإنه دائماً ما يشمل فيه النائب مسلم البراك أيضاً، ومع الإقرار بأن نبيل الفضل ليس بالضرورة شريف روما، إلا أن السؤال نطرحه مرة أخرى، هل يلام الناس عندما يصدقون كلامه؟ خاصة بعد تصريح البراك بمناسبة عودة الشيخ سالم العلي، والذي إن إختلف في المحتوى عما كتبه نسيبه وحليفه السياسي الجاسم، فإنه حمل ذات النفس اللا مسؤول والغير حكيم.

والسؤال الأهم، مؤكد أن مزيد من هذا الطرح سيطرأ كون هناك من يقدس الجاسم والبراك ويراهم رموزاً يتبعون وهذا حقهم، ولكن من نلوم لو أتتنا سلطة في زمن ما وإستخدمت هذا الطرح ذريعة للإنقلاب مرة أخرى على الديمقراطية والدستور وحرية التعبير؟

بتقولون "معصي ومثل ما ردينا الدستور قبل نرده الحين"؟ ميخالف أنتو زلومة. ولكن أسألوا أنفسكم، مع كل إنقلاب على الديمقراطية في 67 و76 و86، كم خسرنا وخسرت الكويت؟

صح أنا أضع اللوم في تلك الإنقلابات كله على السلطة، ولكن من سيدفع ثمن كل هذا التعثر والتأخر والتخلف الذي شاب مسيرتنا الديمقراطية ونضوجنا السياسي وتطورنا التنموي؟ وإذا تأخرنا من جديد، هذه المرة من نلوم؟ وبشنو راح يفيدنا نلوم فلان وعلان؟

حال الكويت في السنوات القليلة الماضية بلا شك لا يرضي حتى أدنى مستويات الطموح، والنقد ليس فقط مباح بل واجب، ولكن ذلك لا يعفي أحداً من المسؤولية في تغليب المصلحة العامة على الأقل في إستخدام اللغة وهذا أضعف الإيمان.

العقل زين.