آخر الأخبار
السعدون يتنازل لصالح عبدالله الرومي في انتخابات الرئاسة
ملاحظة: كنت قد كتبت هذا الموضوع قبل أن يصلني خبر تنازل السعدون لصالح الرومي في انتخابات رئاسة مجلس الأمة، وأنشره كما كتبته.
منذ انتهاء الانتخابات لم أكن مهتماً بقضية رئاسة مجلس الأمة إلى حد يجعلني أكتب عنها، ذلك لأنني وصلت إلى قناعة شخصية بأن الرئاسة وسير العمل بالمجلس لن يختلفا كثيراً بين أحمد السعدون أو جاسم الخرافي والمجلس بهذه التركيبة، إضافة إلى شعوري الشخصي بالحاجة للتغيير ودخول مرحلة جديدة معتبراً السعدون والخرافي من عناصر المرحلة السابقة منذ منتصف الثمانينات، والسبب الأخير والعملي هو اعتقادي بعد نتائج الانتخابات مباشرة بأن الرئاسة إن لم تكن بالتزكية فإنها سوف تكون محسومة لصالح الخرافي، لذلك لم أجد ما يشجع على الكتابة.
هذا كله مع عدم الإخلال بحقيقة أن وجود الخرافي على كرسي الرئاسة هو هم جاثم على صدر المجلس والبلد وصدري أيضاً.
لكن بعد أن هدأت النفس بعد الانتخابات، وبعد التفكير مجدداً بأهمية ووزن منصب رئيس المجلس، وبعد أن فاجأني السعدون بترشيحه، وبعد أن رأيت الاصطفاف البشع من قبل الصحافة في خانة جاسم الخرافي، والتجاهل الذي تبديه الصحف لانتخابات الرئاسة وفرض الخرافي على الرأي العام وكأنه أمر محسوم، وبعد أن لم تصح الصحافة من نومها إلا دفاعاً عن الخرافي بعد التعرض لموضوع الرئاسة في لقاء النواب في ديوان الملا، أخيراً وجدت ما يستفزني للكتابة.
ترشيح السعدون للرئاسة
ثم يطرأ تساؤل: هل السعدون يشوف شيء احنا ما نشوفه؟ حاسبها؟
ثم تسترجع الذاكرة هوشة الخرافي مع الشيخ ناصر المحمد في وسائل الاعلام العام الماضي، ولكن من غير المعقول أن يتخلى الحكم عن حليف استراتيجي بحجم الخرافي لصالح خصم تاريخي كالسعدون، أي من غير المعقول أن ترقى الخصومة بين الخرافي والشيخ ناصر إلى درجة تفضيل السعدون عليه.
إلى الآن فإن ما سبق ليس بجديد على انتخابات الرئاسة وعلاقة كل من السعدون والخرافي بالسلطة، ولكن بعد انتخابات الخمس، برز عنصر جديد في المعادلة قد يقلب موازينها أو على الأقل يشجع الحكومة على التفكير بالخيارات المتاحة بدلاً من الاستقرار سلفاً على الخرافي.
جاسم الخرافي والشيخ ناصر المحمد
لذلك، كان الخرافي يساهم بشكل غير مباشر بالدفع نحو التأزيم والتصعيد ضد حكومات الشيخ ناصر بهدف هز استقرارها، ولكن ما أن يتم تداول أحاديث عن حل مجلس الأمة فتجده يجنح نحو التهدئة، وذلك خوفاً من تضاؤل فرصه في انتخابات الدوائر الخمس.
ولكن حُل مجلس الأمة وأجريت انتخابات الخمس ... فماذا حدث؟ ... فاز الخرافي بأرقام خيالية وبقبول شعبي واسع لم يكن هو يتوقعه، وبهذا زالت هواجسه من الدوائر الخمس، بل ربما يكون من أشد المتمسكين بها حالياً.
السؤال الآن: ما تأثير نتائج الخرافي الانتخابية على الساحة السياسية والبرلمانية مستقبلاً
لم يعد الخرافي يخشى حل مجلس الأمة والعودة للانتخابات، فإذا كان في السابق يدفع نحو ضرب الشيخ ناصر رغم هواجسه الانتخابية، وإذا كانت تلك الهواجس هي التي توقفه وتدفعه باتجاه التهدئة عندما تدور أحاديث حل المجلس، فما الذي سيوقفه الآن من الأخذ بالتأزيم والتصعيد ضد الشيخ ناصر إلى أقصى مدى بعد أن رأي مدى القبول الشعبي الذي يحظى به؟
لقد أعادت الانتخابات معظم الوجوه "التأزيمية" حسب رؤية السلطة، والخرافي سيستثمر ذلك بأن سيدفع نحو التأزيم من جديد إلى أقصى مدى، بهدف خلق قناعة لدى الجهات العليا بأن العلة تكمن بالحكومة ورئيسها الشيخ ناصر المحمد وليس في المجلس، وأن الحل الأمل هو تغيير القيادة الحكومية وليس العودة للانتخابات من جديد، خاصة وأن الشارع الكويتي يوافقه بالرأي وإلا لما أعاد نفس الوجوه في انتخابات 2008.
إذن، من يصور انتخابات الرئاسة بأنها معركة بين السعدون والخرافي فهو مخطئ. ومن يصورها بأنها معركة بين السعدون والسلطة فهو أيضاً يعيش في الماضي.
انتخابات الرئاسة هي معركة بين جاسم الخرافي والشيخ ناصر المحمد.
هي بالنسبة للشيخ ناصر معركة بقاء.
البرنامج الانتخابي لجاسم الخرافي
كما يروج لنفسه بأنه يساهم بتشريع القوانين عبر التنسيق مع باقي النواب، ولكن إذا لم يرد إسمه على أي من الاقتراحات بقوانين، وإذا لم يخض النقاشات داخل اللجان أو داخل المجلس، وإذا لم يسجل موقفه من القضايا المفصلية في التصويت، وإذا كانت تصريحاته الصحفية ومقابلاته كلها بطبيعتها عامة وتتخذ سمة الحياد، فكيف يتسنى لناخبيه محاسبته؟ ما الذي يثبت أنه ساهم بتشريع هذا القانون أو ذاك؟
باختصار جاسم الخرافي لديه برنامج انتخابي من نقطة واحدة: أخوض الانتخابات لكي أفوز بكرسي الرئاسة.
إطفائي: إسم على غير مسمى
ويروج أيضاً لنفسه بإنه "إطفائي الأزمات" والحكيم وصاحب التهدئة، ولكن تعالوا نرى التاريخ والأرقام ماذا ترينا:
أحمد السعدون ترأس المجلس لفترة ثمان سنوات (85 إلى 86، و92 إلى 99)
جاسم الخرافي ترأس المجلس لفترة تسع سنوات (99 إلى 2008)
10 استجوابات في عهد السعدون، نوقش منها 5.
22 استجواباً في عهد الخرافي، نوقش منها 13.
شهد عهد السعدون حلين للمجلس: في 86 نتيجة لتصعيد سياسي بتقديم أربعة استجوابات (أحدها للخرافي وزير المالية آنذاك) وحصول المجلس على حكم المحكمة الدستورية بأحقيته في التحقيق بسجلات البنك المركزي. وفي 99 على خلفية استجواب أحمد الكليب وتقديم عشرين عضو طلبين لطرح الثقة.
شهد عهد الخرافي حلين: في 2006 على إثر حركة "نبيها 5" بعد أن فشل المجلس والحكومة في حسم القضية داخل المجلس، فانتقلت إلى الشارع، كما ساهم فيها الخرافي بعدم اتخاذه موقفاً منها وقيامه بجلب القوات الخاصة لمنع الجمهور من دخول المجلس. وفي 2008 لعدة أسباب لعل أهمها تداعيات تأبين مغنية وسوء تعامل الحكومة مع زيادة الرواتب وتحريض بعض النواب للحكومة والمواطنين على كسر القانون في موضوع الديوانيات المخالفة.
في عهد السعدون حل المجلس في المرتين نتيجة ممارسة سياسية عادية تقع ضمن صلاحيات المجلس والأدوات الدستورية المتاحة له كالاستجواب وطرح الثقة وتشكيل لجان التحقيق.
في عهد الخرافي حل المجلس في المرتين من دون استجوابات بل في قضايا انتقلت للشارع كالدوائر والديوانيات أو انتقلت للصحافة كقضية التأبين.
ولو أني أؤمن بأن الأرقام يجب أن تؤخذ بسياقها الصحيح ولا تحلل بمعزل عن الاعتبارات الموضوعية الأخرى، ولكن هذه الإحصائية البسيطة هي لمن يستخدم الأرقام و"قص على نفسه" بأن الخرافي إطفائي وحكيم إلى أن صدق نفسه من كثر ما رددها.
الذات الخرافية المقدسة
أولاً: جزء كبير من ذلك يعود إلى تمتع جاسم الخرافي بكاريزما فريدة من نوعها تجذب الناس شخصياً إليه، كما أنه يعتمد على إرث عائلي تاريخي منذ أيام المرحوم محمد عبدالمحسن الخرافي يزخر بخدمة البلد ومساعدة الناس، وهو مستمر على نهج مساعدة الناس ولا أحد يستطيع إنكار ذلك، لذلك بكل بساطة الرجل محبوب عند الناس. ولكن هل الشخص "حليو وولد حلال" يعني أنه مؤهل لرئاسة السلطة التشريعية؟ ليس بالضرورة.
ثانياً: قد يكون جزء كبير من الأصوات التي حصل عليها الخرافي عائدة لتحالف ضمني مع مرزوق الغانم، ولا أستطيع أن أجزم قبل أن أرى الأصوات المشتركة.
ثالثاً وهو الأهم: لا يوجد أحد ينتقد الخرافي غير المدونات ومحمد الجاسم وعبداللطيف الدعيج! فالصحف (باستثناء جريدة الجريدة) متفقة على عدم التعرض له، فهو إما أحد ملاكها كالقبس، أو يملك مصانع الورق التي تزود بعضها، أو لدى أصحاب بعضها الآخر مصالح تجارية وسياسية متداخلة مع مصالح الخرافي، إذن فالناس لا ترى سوى الجانب المشرق من الخرافي طالما الصحف تخفي مساوئه، بل تذهب بعض الصحف إلى أكثر من ذلك وتمارس التطبيل للخرافي في كل صغيرة وكبيرة، فما أن "يكح" الخرافي إلا وتجد جريدة الراي تقول له "صح لسانك."
لذلك جزء كبير من القبول الشعبي الذي يتمتع به الخرافي هو حالة التقديس التي فرضتها الصحف على الناس. ومن يشك في أثر ذلك على الشعبية فليقارن معاملة الصحافة للخرافي بما تعرض له أحمد السعدون ومحمد الصقر ومسلم البراك من الصحافة وكيف أثر ذلك على شعبيتهم بين عامة الناس.
جاسم أبونا ... شبقى بعد؟
إن استمرار جاسم الخرافي على سدة الرئاسة خطر على استقرار المجلس، وعلى استقرار الحكومة، وعلى بقاء الشيخ ناصر المحمد، وهذا كله يصب في عدم استقرار الأوضاع السياسية في البلد وبقاء مشاكل البطالة والغلاء وتوقف التنمية والصحة والتعليم والاسكان دون حلول، لأن جاسم الخرافي بيده مطرقة وما يحب ناصر المحمد.
لذلك إما أن يرسم الشيخ ناصر بيده نهاية عهده عبر تصويت الحكومة للخرافي يوم الأحد، أو أن يعيد الخرافي إلى حجمه الطبيعي قبل أن "يكبر الفيل" ولا يستطيع قادة المستقبل التعرض له أو لمن سيخلفه من أقربائه المتطلعين بوضوح للسلطة.
نبيها السعدون .. والرومي مو مشكلة