Saturday, December 29, 2007

طغيانها vs. فصل السلطات


ما هو الفرق بين النظام الدكتاتوري ودولة المؤسسات؟

الجواب البديهي هو أن في النظام الدكتاتوري تطغى ثقافة القمع وامتهان كرامة الإنسان وتسود مظاهر التخلف والفساد نظراً لانشغال السلطة بالاستمرار في الحكم، بينما في دولة المؤسسات تصون الدولة حق الإنسان في العيش بكرامة وحرية وتزدهر الدولة وتنمو نظراً لتوزيع الأدوار بين المؤسسات.

لكن ما سبق هو مظاهر فقط تنتج عن وجود أي من النظامين، إذاً ما الفرق؟

هناك فرقان، أولهما هو رغم أن النظامين يتشابهان في قيامهما على وجود جهة عليا لديها سلطة لإدارة شؤون الدولة، إلا أن في النظام الدكتاتوري تنفرد مؤسسة الحكم في تلك السلطة، بينما في دولة المؤسسات تتوزع السلطة على المؤسسات للتنويع في الرأي والأهم من ذلك لكي تكون كل مؤسسة صمام أمان لعدم طغيان الأخرى.

الفرق الثاني هو أنه في أغلب الأمثلة التاريخية يستحوذ الحاكم على السلطة في النظام الدكتاتوري على ظهر دبابة، بينما في دولة المؤسسات فالأمة هي من تعطي المؤسسات حصتها من السلطة بالتساوي كل على حدة، ومتى ما طغت مؤسسة على أخرى فإنها تسلب السلطة من الأمة وتختزلها في نفسها.

نحن اليوم في أزمة استجواب وزيرة التربية أمام مفترق طرق بين وضع حد لطغيان مؤسسة دستورية على غيرها، وبين ترك الأمور تنحدر إلى أن نصل لمرحلة اللاعودة، ومن الخطأ أن ننزلق في النقاش ونصطف مع هذا المعسكر أو ذاك، فنصبح وقوداً لمعركة أريد لها أن تكون سياسية شخصية، فنحترق نحن وتستمر المعركة إلى أن تحرق نظامنا الدستوري برمته.

لقد عانت الكويت، وما زالت تعاني، من تجارب استفراد السلطة التنفيذية بالحكم وإدارة الدولة، واليوم ندخل عهداً جديداً من الاستفراد ولكن بطغيان السلطة التشريعية هذه المرة على السلطات الأخرى واستفرادها بالحكم وإدارة الدولة، ولا فرق بين واقع اليوم وتجارب الماضي في الضرر الواقع على الكويت ...

فالسلطة التنفيذية قادت البلد باستفرادها بالحكم إلى كارثة المناخ الاقتصادية ... والسلطة التشريعية تقودنا اليوم إلى مزيد من الهدر في مقدرات البلد عبر توزيع العطايا وتشجيع الناس على الاستهلاك دون مقابل.

التنفيذية قامت بالحجر على حرية الرأي وقمع المستنيرين في الماضي ... والتشريعية اليوم تمارس نفس القمع بإسم الديمقراطية والدين.

التنفيذية استفردت في الماضي في تقسيم النظام الانتخابي على أساس طائفي وقبلي أدى إلى زرع ثقافات عنصرية بين أبناء الأمة الواحدة ... والتشريعية اليوم تملأ الصحف والديوانيات بالطرح العنصري والطبقي الذي يمزق المجتمع.

إذاً نحن أمام تاريخ يعيد نفسه ولكن بأسماء ووسائل مختلفة هذه المرة.

في السابق كانت مظاهر طغيان السلطة التشريعية على التنفيذية لا تتعدى توقيع المعاملات وواسطات التوظيف والترقيات ومحاولات الابتزاز والتحدي في الميكروفون والصحف، أما الآن فإن تداخل السلطات أصبح على مستوى المؤسسات الدستورية وبشكل فاضح، بدءاً من توسط النواب لمجرمين إرهابيين عند القضاء، ومروراً بمحاولات رئيس البرلمان لفرض تشكيل الحكومات، وتعدي النائب خضير العنزي على النيابة العامة وحماية السلطة التشريعية له، وقيام رئيس البرلمان بالتأثير في عمل السلطة القضائية، وأخيراً ابتزاز السلطة التشريعية للسلطة التنفيذية في محاولات النواب لفرض تعيين أو إقالة قياديي الوزارات، ما يعد سلباً لحقوق أصيلة للوزراء وتدخلاً في اختصاصاتهم.

إن أي قصة كفاح شعبي لا بد أن تحوي أمة تكافح وتناضل من أجب كسب حريتها وصنع الدولة على أساس دستوري صلب تحافظ عليه وتنميه، وأي قصة طغيان دكتاتوري لا بد أن تحوي قائداً مستبداً يمتطي دبابة ويدهس بها كل ما يأتي بطريقة وصولاً إلى كرسي السلطة، أما نحن فقصتنا اليوم مختلفة وغريبة، فنحن اخترنا المستبد، ونحن أوصلناه للكرسي، ونحن من يشجعه على الطغيان، ونحن من ينجرف لطرحه الخاضع لقاعدة فرق تسد.

يبقى لنا أن نستذكر أنه في تجربتي استفراد السلطة التنفيذية في الحكم وطغيانها على السلطات الأخرى قادتنا بسوء إدارتها للدولة إلى أكبر كارثتين شهدتهما الكويت، الأولى قادتنا إلى أزمة المناخ وانهيار الاقتصاد الكويتي، والثانية قادتنا إلى غزو العراق للكويت وما نتج عنه من مآسي، ترى إلى ماذا ستقودنا التجربة الجديدة؟

للإجابة على التساؤل يكفي أن نستذكر أننا احتكمنا للدستور وقوانين ومؤسسات الدولة للخروج من كوارث الماضي، لكن ما الذي سيخرجنا من كارثة لو اختطفت ثلة فاسدة مفسدة الدستور واستخدمت أدواته لإيقاع الكارثة؟

المسألة أكبر وأبعد من نورية والشريع واستجواب واستقالة ... فكروا فيها.

18 comments:

Shurouq said...

Well said. Thank you, Jandeef. It's so good to see your sa7a active again.

nEo said...

كلام ممتاز و يضع يده على الجرح

بالفعل انعدام الثقافة السياسية لدى بعض النواب جعلهم ياخذون من كراسيهم سلطة بحد ذاتها

جنديف

كالعادة بوستك موفق

Bashar said...

أنهم يريدون الديمقراطية ...

تحياتي

kuwaitforus said...

مانريده هو حل المجلس لنرى 5 ماذا ستفعل بنواب الخدمات ؟؟؟ لكن ومانراه حاليا لماذا هذا التدافع ومن هؤلاء النواب بالتحديد نحو الحل ؟؟؟ هل نجاحهم مضمون ؟؟؟؟؟؟؟ ومن سيدفع تكاليف حملاتهم

Mohammad Al-Yousifi said...

very good analysis

however, dont u agree with me that it is too late? isnt this estejwab a mimic of ma3sooma estejwab?

i agree with all what u said bas i think its been the same way for a long time , we are stuck in between fasad el 7kooma and fasad el majles

o the worse of all fasad el sha3b

cheers mate


and FUCK the UK customs , didnt get a penny on my VATs

ButterFlier said...

حارة

كل من إدو للإلو

KuwaitVoice said...

تحليل وتلخيص ممتع ومميز للواقع الكويتي الذي نعيشه .. أتمنى أن تعود الساحة إلى سابق عهدها وأن تنشط من جديد .. نعلم أن لديكم مشاغلكم اليومية .. لكن بوست بكل أسبوعين أو أسبوع لن يأخذ منكم الكثير على ما أعتقد ..

بوست ممتاز جنديف


عزيزي جنديف

أولا .. هل تقنعني بأن عدم وجود مجلس أمة (سلطة تشريعية) كان سبب دخول صدام للكويت ؟ أو بمعنى أصح هل وجود مجلس الأمة كان سيمنع صدام من دخول الكويت ؟ هل صدام فكر في غزو الكويت بمجرد أن تم حل مجلس الأمة ؟ هل صدام يهمه كم ألف من الشعب متصادمين مع الحكومة ؟

صدام كان معزم لغزو الكويت وبتخطيط مسبق .. يعني لا وجود مجلس الأمة كان راح يمنعه ولا حتى صاحبه السحلية كان يقدر يمنعه ..

كلامي هذا أوردته ردا على تطرقك لهذه القضية التي نسمعها دائماً من أن الغزو كان بسبب عدم وجود مجلس أمة أو سبب من أسباب الغزو ، أما فيما يخص مشكلة السلطة التنفيذية والتشريعية .. سألخص سبب كل المشاكل ..


كل مشاكل الكويت ليست بسبب لا السلطة التشريعية ولا السلطة التفيذية .. بل سببها الإنسان الكويتي الذي لا يعرف ماذا يريد .. صدقني حتى وإن كانت الحكومة لم تجري تعديل على الدوائر وتجعلها 25 ستكون مخرجات مجلس الأمة كما نراها الآن .. وحتى بالدوائر الخمس سنشاهد مخرجات مجلس الأمة كما نراها الآن نعم التجنيس وتعديل الدوائر ربما لهم دور بهذه المخرجات ، لكن المد الإسلامي كان قادم لا محاله وسيغير كل شيء وحتى ولم تغير الحكومة الدوائر أو تجنس ..

المشكلة بالإنسان الكويتي الطائفي المتأسلم والمادي والقبلي ..

لن تستطيع الحكومة معالجة مشاكل الشعب النفسية هذه إلا بتطبيق العلمانية أولا ً ومن ثم الديموقراطية .. طبعا مع معالجة الشعب لنفسه والتأقلم مع هذا العلاج ..

من دون العلمانية سنكرر مجالس الأمة على مر التاريخ وسيكون حال الكويت كحال السعودية بشكل أكشخ ، ستكون كل مخرجات عقل الشعب الكويتي عنصرية تكره المرأه والحرية والحداثه .. تكره كل ماهو منفتح على العالم ..

نورية الآن ليست ضحية للشريع وربعه ، بل هي ضحية لتطبيق الديموقراطية من غير علمانية .. ضحية لدستور 62 ومادته الثانية .. ضحية للجو الذي اعتاد عليه الإنسان الكويت .. الجو الذي تربى به بتدخل الدين بحياته اليومية ونفسيته بالعيش والتعايش مع الآخر والقانون ..

لن تكون مخرجاتنا إلا 50 منافق كالشعب الذي تجرع النفاق والتخلف والرجعية من دستور مسخ ممزوج بالدين والمدنية ..

يا أن نطبق الشريعة الإسلامية ويكون دستور الدول هو القرآن .. أم أن نطبق العلمانية ويكون دستور الدولة دستور مدني لا دخل للدين به وبمواده ..

أما أن نقدم للشعب كتاب ممزوج بالأثنين ، فهنا نقتل عقل الشعب ونشوشه ونربيه على النفاق والضياع النفسي مع العقل ومايريده ..

ربما أكون قد خرجت قليلا ً عن محتوى الموضوع ، لكن تأكدوا أن سبب ضياع السلطة التنفيذية والتشريعية هو بسبب عقل الإنسان الكويتي ..

وعقل الإنسان الكويت ضاع بسبب
دستور 62

العرزالــــــه said...

جنديف

تحليل رائع تشكر عليه ولكن

ماهو الحل؟

Anonymous said...

في السابق كانت السلطه او اسرة الحكم خاصه تمارس فسادها عن طريق السلطه التنفيذيه من خلال حكومات سعد العبدالله او جابر الاحمد عندما كانوا رئساء للحكومة لان الشعب الكويتي كان لايزال ينتخب نواب سنعين وكان هذا غباء من السلطه لانهم كانوا يضربون السلطه التشريعيه عن طريق السلطه التنفيذيه لكن خلال السنين الي فاتت احكمت السلطه او الحكم القبضه على المجلس والسلطه التشريعيه فصار الحكم عن طريق الحكومة يلعب دور الغلبان والاصلاحي كناصر المحمد وان المجلس هو من يسبب في هذا التاخر وهذا الفساد
وبالتاكيد في الحالتين الهدف واحد هو تشويه الديمقراطيه وبالتالي القضاء على الدستور

عاجـل said...

طول اليوم واحنا نفكر
واتوقف بعد ما اسال نفسي شنو حالتنا لما ننتقل لمرحلة الرجل الثاني؟؟؟
راسي يعورني

lle said...

اولا احب اشكركم على انكم فضيتوا روحكم اشوي و تكرمتوا علينا بهالموضوع و الي اعتبره انا شخصيا مفترق طرق خطير او بالاصح مو بس مفترق طرق إلا دوار عود اكبر من دوار العظام و الي انشاءالله راح اردنا مرة ثانية حق طريج الممارسة الديمقراطية الصحيحة او ادعووم على مستشفى الرازي مجبسين ديمقراطيتنا و كاتب احمد الفهد عل جبس كلمة ..ذكــــــرى

لكن خلنا انكون حقانيين اشوي ترى ضعف الحكومة و عدم قدرتها على امجارااة اللعبة السياسية اليديدة اهو الي خله اعوير و ازوير من النواب يوصلون حق الاعتقاد بأنهم سادة القوم و يشقوون و اخيطون على كيفهم و مو دايرين بال عن موضوع فصل السلطات او بمعنى ثاني الحكومة كبرتهم و علمتهم طريج اللعبة الوصخة و الحين صاروا يلعبونها ضدهم للاسف و الي ضايع بالصقلة المواطن الكويتي الي حفر بيدة و اريولة علشان انمي ديمقراطيتة و وقف ساعات بالشمس علشان يصوت حق المجلس الي جنة ما فية خير !!!

و الحل يا طالب الحل هو الحل !!!

معاه قانون امرتب حق الاحزاب و وعي و انتفاضة شعبية انتصارا للديمقراطية و الحرية و مجبوس لحم من فريج إصويلح !!!

فتى الجبل said...

هدم الدستور والدولة اهوا غاية خمة المجلس الحالي
منو المنقذ..للأسف الحكومة مشاركة في اللعبة والشعب قاعد يتطمش على خراب مالطة
واللي فيهم الخير والبركة نايمين بالعسل

بوصالح said...

العزيز جنديف

سبق لنا أن شرحنا نظرية الدولة المؤقتة .. و مفهومها لدى البعض أخي الكريم هي شفط كل مقدرات البلد .. و تحويلها لبلد آخر يكون الوطن الآخر لهم

جنديف لاحظ آسماء مرشحي المجلس الوثني .. ستجد من نقصدهم واضحين للعيان و سيكون لنا وقفة مع هذا الموضوع البلد زحفت عليها الصحراء .. أدخلت الدين بالقبلية

الحل ليس في مدونة أو إعتصام .. أو ندوة بل الحل يجب أن يكون حل و تغير كامل للوجوه

UmmEl3yal said...

اتفق معاك تماما انها الدكتاتورية الجديدة ، مؤسف اننا شاركنا في خلقها. الأسوء انه لا مخرج دستوري. فللمجلس الحق في استجواب الوزير وسحب الثقة من الحكومة. ما حقوق الشعب لمحاسبة الأعضاء الفاسدين؟ هل الحل الوحيد أن ننتظر للانتخابات القادمة؟ ماذا لو كان ذلك متأخر جدا :(( على شباب البرتقالي ايصال راسالة واضحة لمن يتلاعب بالسلطة ويذكرهم أن يوم الحساب قريب

راعيها said...

ديموقراطيه بدون علمانيه = كارثه

ما يصير تعلم ولدك يسوق السياره رونغ سايد و بعدين تقطه بالشارع بروحه و تقول له لا تسوي حوادث

الدوله تزرع الطائفيه و القبليه و الرجعيه و التخلف في الاطفال منذ الصغر
انتوا يا ساحة الصفاة تخليتوا عن الحميضي اللي وقف عظم بحلوج قوى الظلام ... و الحين صعبه تتكلمون عن طغيان نواب المجلس

LunarDream said...

kuwaitvoice
صح لسانك و معاك مية مية
I've been asking myself this: why is turkey, malaysia and switzerland are better than us? I found that secularism is the solution to build a civil and successful country.

hope said...

الحل عندي يا صاحب العرزاله بحل المجلس لمده ثلاث سنوات ونعطي فرصه للنظام كي ينفذ خطته التنمويه الاقتصاديه و الاجتماعيه ، ثم تصير الانتخابات بعد ثلاث سنوات.
في تقديري ان العهد الحالي بعد ان تطلق يداه بدون قيود التوازن التي سادت العهد الماضي بين الامير و ولي العهد ، سيستطيع العهد الحالي بما عرف عنه من انفتاح و نظره تقدميه سيتمكن من تقديم برامج اكثر انفتاحا و اكثر واقعيه تنمويه بعيدا عن ضغوطات التوازن السابقه المعروفه ، وبعيدا عن مصالح النواب الضيقه والتي دمرت المجلس الخالي و كفرت العديد من الناس بالديمقراطيه ، لنجرب ماذا سنخسر ؟

AyyA said...

انت مو طبيعي جنديف