أدري أدري. مخترعين من لحايا السلف، راح نتكلم عنها لاحقاً.
أول شيء مبروك لمن فاز، وهارد لك لمن خسر، ولو أن مفهوم الفوز والخسارة قد يختلف من شخص لآخر حسب وجهة النظر ومعايير التقييم، إلا أنه هناك رابح واحد لا خلاف عليه وأجدر مستحقي التهنئة ...
على الرغم مما ردده معارضو تقليص الدوائر أثناء حركة "نبيها 5"، وعلى الرغم مما رددوه أثناء الحملة الانتخابية، وعلى الرغم من فضاوة عبدالله النيباري وندوات وتصريحات الدائرة الواحدة (وربما تكون لنا عودة لهذا الموضوع)، وعلى الرغم من إصرار بعض الكتاب والمراقبين والصحف على تحميل الدوائر الخمس أخطاء ليست لها يد فيها، شباب "نبيها 5" هم الرابح الأجدر والأوضح في انتخابات السبت الماضي.
لقد أثبتت الانتخابات ما وعدت به حركة "نبيها 5"، وأسقطت كل الحجج التي ساقها معارضوها قبل عامين، بل أعتقد أن بعض معارضيها أصبحوا منذ إعلان النتائج أمس من أشد المتمسكين بها.
لا أجزع من وصول عدد كبير من الإسلاميين إلى المجلس، فلو تذكرون أيام نبيها 5 قلنا أننا سنقدم تنازلاً وندعم مرشحيهم آنذاك ونتعاون مع قواعدهم حتى ننعم باختلاف وتنافس أجمل خالي من الشوائب وملوثي الديمقراطية، وبالفعل هذا ما حصل، فقد جنينا أولى ثمار الخمس دوائر يوم السبت الماضي.
ذبان الديمقراطية
بره
تذكرون يوم قال عنا "200 بنغالي" في أول تجمع أمام قصر السيف؟
بره
حسبها حسبة بزنس. المصروفات أكثر من الإيرادات
بره
تذكرون يوم كان يطلع بالتفلزيون يعيب على الدوائر الخمس بأنها غير دستورية؟ والحبيب كان عضو المجلس الوطني
بره
تذكرون لما قال يبي يحط واحد من شباب نبيها 5 تحت التاير لأنه سأله عن ترشحه للمجلس الوطني؟
بره
تذكرون لما قرر ينزل بخيطان، ولما اعتزل وليد الجري، خلى خيطان تولي وراح ياخذ مكانه؟
بره
أحد أبواق بوفهد، تذكروا أن في 2003 كان بينه وبين الصرعاوي 25 صوت فقط
بره
هذا ما له شغل بالخمس، بس سقوطه بالفرعية يونس فحطيته
الإسلاميون خصوم فكر، والتنافس معهم قائم على توجيه الرأي العام واستقطابات الشارع وغيرها، بمعنى أنك تعرف من تنافس والساحة تسع الجميع، ولكن هؤلاء بلا لون ولا طعم ولا ريحة، هم فقط شوائب ومخربين وملوثين للديمقراطية، كأنك مندمج بأكل وجبة لذيذة، ولكن توجد ذبانة وصخة ولزقة تحوم حواليك. مزعجة. تقضي عليها أولاً ثم تستمتع بوجبتك.
على فكرة، جمال العمر تأثر بحركات حدس في رفع القضايا على فاضحيها عندما أحس بسقوطه، إذ صحا بعد سنتين ورفع قضية قبل الانتخابات مباشرة مطالباً المدونة شروق بتعويض عن الأضرار التي لحقت بسمعته عندما اشتكت ضده في انتخابات 2006 بتهمة شراء الأصوات. اسم الله عليك وعلى السمعة.
القبلية والانتخابات الفرعية
نعم أقيمت الفرعيات، ونعم كان هناك طرح قبلي، ونعم قلنا أن الدوائر الخمس ستصعب من ذلك، ولم نخطئ! بالفعل أصبح تنظيم الفرعيات أصعب بكثير مما كانت عليه، واسألوا القائمين عليها.
يعتقد البعض أن الدوائر الخمس رسخت الفرعيات أكثر، وهو اعتقاد خاطئ، الفرعيات كما هي، كانت تقام في السابق، واستمرت تقام الآن، إذن لا جديد، كل ما اختلف هو أن الحكومة واجهتها هذه المرة، وظهورها بتفاصيلها على الصحف والتلفزيون هو الجديد بالأمر الذي كون عند الناس اعتقاداً بأنها استفحلت أكثر.
الحد من الفرعيات يأتي بعدة عوامل منها تقليص الدوائر، فهناك قانون لتجريم الفرعية غير مفعل إلى الآن هو الأجدر بالتعامل مع الفرعيات، وحتى لو تم تفعيل القانون فلن يتم القضاء على الفرعيات بالكامل، فوجود قانون المرور لم يقضي على تجاوز الناس للإشارة الحمراء، ولكن بالتأكيد حد منه.
إن أحسنا الظن فإن ملاحقة الحكومة للفرعيات هو جهد بانتظار أن يكتمل، فلو أردنا الحد من الفرعيات فإن على وزارة الداخلية جمع أدلة كافية للإدانة، وعلى الحكومة أن تصوت مع رفع الحصانة عن النواب المتهمين. ولكن إذا تم تبرئة المتهمين بحجة عدم كفاية الأدلة، وإذا امتنعت الحكومة عن التصويت، فإن ملاحقة الحكومة للفرعيات لم تكن إلا فيلم استعراضي لإبراء الذمة.
غير ذلك، فإن القضاء على الفرعيات على المدى البعيد يتطلب القضاء على النفس الفئوي عند الناس وشعورهم بالحاجة إلى اللجوء لانتماءاتهم لضمان حقوقهم، ويتم ذلك عبر إعادة السيادة للقانون وتطبيق مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص بين الناس.
كما يتطلب القضاء على الفرعيات قيام أبناء القبائل بحمل لواء الوحدة الوطنية والعزوف عن المشاركة في الفرعيات، وهنا تجدر الإشادة بالنائب حسين الحريتي ومرشح التحالف الوطني د. عبدالمحسن المدعج الذين لم يشاركا بفرعية العوازم بالدائرة الأولى (ولو أن مصادرنا تؤكد أن الحريتي دخل في التفاوض على آلية الفرعية إلى أن استبعد منها قسراً لأن الآلية التي تم الاتفاق عليها لم تعجبه، ولكن تبقى الأمور تقاس بالنتائج)، ولكن تحقيقهما لأرقام جيدة من أصوات العوازم وغيرهم، إضافة إلى إخفاق ثلاثة من مرشحي العوازم الأربعة الذين خاضوا الفرعية، هو أبلغ رسالة على أن الدوائر الخمس هي أول خطوة في طريق الحد من الفرعيات.
ملاحظة: تعمدت عدم الإشادة بمسلم البراك وضيف الله بورمية وحسين مزيد لأنهم لعبوا على الحبلين، فهم رفضوا خوض الفرعية، ولكنهم تكسبوا منها عندما كافحتها الداخلية، وفي الحالتين يبقى الطرح فئوياً.
الطائفية في الدائرة الأولى
لا يمكن لأحد أن ينكر الطرح الطائفي الذي ساد الدائرة الأولى خلال الأسبوع الماضي، ولم يقف عند ذلك بل كان الطرح فئوياً والضرب تحت الحزام ما بين القوائم الشيعية، ومن الظلم تحميل الدوائر الخمس المسؤولية، إذ كما في الفرعيات، فإن الأمر لم يختلف عن السابق، فالنفس الفئوي والطرح الطائفي كانا موجودين منذ التقسيم السابق ولكن ما اختلف هو خروجها للعلن أكثر عن طريق تشكيل القوائم أو ظهور الصراعات على التلفزيون.
العامل الأبرز الذي ساهم في تضخم الطرح الطائفي برأيي هو تداعيات تأبين مغنية، إذ عندما أقيم التأبين تصدى لإدانته كثير من الرموز الشيعية غير المنتمية لحزب الله وأذكر منهم صالح عاشور وعلي البغلي وغيرهم، ولكن بعد اتساع حملة جريدة الوطن عليهم تولد شعور عند كافة الشيعة بأنهم بأكملهم مستهدفون، وهذا هو السبب الرئيسي للفرز الطائفي الذي حصل في الدائرة الأولى.
عموماً، أسباب النفس الطائفي عند الناس هي نفسها التي ذكرتها عن القبلية في الأعلى، هناك فئات عديدة من الناس سواء قبائل أو طوائف يشعرون بعدم عدالة الدولة تجاههم في الحقوق والواجبات وبانعدام مبدأ تكافؤ الفرص، ومن هنا يبدأ العلاج على المدى البعيد، وتقليص الدوائر كان الخطوة الأولى.
معارضو الدوائر الخمس أصبحوا مؤيدين
لفترة عامين كاملين كان الحديث عن الدوائر الخمس من قبل المؤيدين والمعارضين قائماً على التنبؤ والتنظير، ولم ينقصنا إلا خوض التجربة لمعرفة مدى دقة الحجج التي ساقها الطرفان، وأتت التجربة ودحضت معظم الحجج التي ساقها المعارضون.
وقوف عدد كبير من الرموز والقواعد الشيعية ضد الدوائر الخمس كان قائماً على أنها ستؤدي إلى انحسار التمثيل الشيعي في المجلس، ولكن نتائج السبت أدت إلى زيادة التمثيل من أربعة نواب إلى خمسة، وكان هناك فرصة جيدة لأنور بوخمسين في الأولى وعدنان المطوع في الثانية، وصالح عاشور الذي حمل لواء معارضة الدوائر الخمس حاز على المركز الأول.
المرشح الأكثر تناقضاً وإثارة واندهاشاً من نتائجه كان جاسم الخرافي، فهو أيام نبيها 5 كان يتصل بنا ليقول "شتبون بالخمس ترا الإخوان راح يسيطرون" (والدليل تقلصهم من 6 إلى 3 يا الله من فضلك. تلومونا فيه؟ حكيم وصاحب نظرة)، وظل طوال حركة نبيها 5 بدون إبداء موقفه، وعندما زاد الضغط عليه قال "أنا معاها إذا توفر الإجماع"، وعندما جرت انتخابات 2006 تراجع إلى المركز الثاني بعد محمد الصقر، وعندما جاء الوقت للتصويت على الخمس صوت موافقاً، وعندما بدأت الحملة الانتخابية الأخيرة صرح في الصليبيخات أن "مؤيدي الدوائر الخمس أصبحوا نادمين عليها"، بمعنى أنه أحدهم بما أنه صوت مع الخمس، والآن بعد النتائج الممتازة التي حققها، أعتقد أنه أصبح من أشد المتمسكين بالخمس دوائر.
شكراً شباب نبيها 5
أخيراً، شكراً شباب نبيها 5، فقد كنتم على قدر كبير من الصواب الذي جانب معارضيكم.
شكراً ... بسببكم أصبحنا نرى برامج انتخابية تنموية.
شكراً ... بسببكم وصل التحالف الوطني إلى الصليبيخات ومرزوق الغانم بنى مستوصفاً فيها وجاسم الخرافي قام يرفع عقاله.
شكراً ... بسببكم أصبح واضحاً للناس تكسب إخونجية حدس من القبلية والفرعيات.
شكراً .. بسببكم رأينا الخطوات الأولى باتجاه تنظيم العمل السياسي بطريقة القوائم والأحزاب.
شكراً ... بسببكم أصبحت الانتخابات وغموض نتائجها حتى الدقائق الأخيرة ممتعة.
طال الموضوع، ولم نتحدث عن الخرعة من السلف، إذن نعود قريباً.