قالها واضحة وحاسمة
كتب جنديف ومتبدئ:
قبل كل شيء، يجب علينا أن نشيد بما دار في اجتماع الأسرة الذي عقد بالأمس، وقد وصفته الصحف بأنه اجتماع حاسم ومصيري، ونحن نراه كذلك أيضاً، كان حديث صاحب السمو الأمير صريحاً وصارماً. وهذان العاملان يميزان حديث سموه عن أي حديث سابق.ـ
حديث صاحب السمو مهم جداً وقد أتى في وقته، فهو حديث يبعث تفاؤلاً تجاه مستقبل القيادة في الدولة ويبعث الأمل بوجود العين التي تراقب ما يجري وتقرأ الأمور كما هي وتعيد الأمور لمجراها الصحيح عندما تنزلـق.ـ
حديث سمو الأمير
الآن دعونا نتمعن أكثر بما تطرق له سموه خلال اجتماع الأسرة كما نقلتها صحيفتي القبس والسياسة ، ونحاول التعليق عليه أو تحليله أو فهم السبب وراء تطرقه له.ـ
ـ"لا نية لتعديل الدستور فهو صمام الأمان..."ـ
قالها سموه واضحة وحاسمة.. الدستور هو صمام الأمان ، الدستور وليس غيره ، وهو رد على ما روجت له جريدة الوطن بشكل قبيح بأن "الأسرة هي صمام الأمان بالدستور وقبل الدستور" بافتتاحية عنوانها "نظامنا" دون ذكر كلمة "شعب" ولا مرة واحدة ، كأن النظام لا يشمل شعب يعزز قيادته ويلتف حولها ، وهو طرح مهين للأسرة الحاكمة والشعب معاً على حد سواء.ـ
ـ"كما ليس وارداً حل مجلس الامة حلاً دستورياً او غير دستوري وهو ما لم نفكر فيه ... الدستور باق كما هو، ومع ان الدستور يمكن ان يعدل بالتوافق وحسب الأصول الدستورية، لكن ليست هناك حاجة الى تعديله، وكل الاشاعات بهذا الشأن غير صحيحة"ـ
نفي سموه لأحاديث الحل غير الدستوري أتى مؤكداً لما قاله سموه قبل أشهر قليلة باجتماعه ورؤساء التحرير ، ولكن ما يثير الاهتمام هو نفي سموه للحل الدستوري أيضاً، وذلك يعني أن سموه يرى أن ما يجري في الساحة مما يسميه البعض تصعيداً أو تأزيماً ليس إلا وضعاً طبيعياً في أي نظام سياسي ديموقراطي مليء بالتجاذبات، ولا يستدعي التلويح بالحل أو تعديل الدستور عبر إطلاق الإشاعات لكبح جماح أو "تخريع" النواب وتقييد تفعيل الأدوات الدستورية المتاحة.
ـ"اننا لن نجد احسن من الشعب الكويتي وهم لن يجدوا أحسن من الأسرة الحاكمة، خصوصا ان علاقتنا تمتد الى أكثر من 300 عام ... ولن نسمح لاي شخص ان يعكر هذه العلاقة"ـ
تلك هي اللباقة والتواضع التي تتميز بها الكويت بشعبها وحكامها ، حيث حرص القيادة على انتقاء الكلمات حتى لا تترك انطباعاً مباشراً أو غير مباشر بأن هناك حاجز أو فرق بين الشعب وقيادته ، بعكس لغة التعالي والعنجهية التي تحدث بها راشد الحمود في لقائه مع جريدة الوطن.
وكما التف الشعب الكويتي حول قيادته بإطار الدستور في أكثر من مناسبة ، فلا شك في أن الشعب الكويتي يشارك سمو الأمير الرأي بعدم السماح للوطن وتوابعها وغيرهم في تعكير تلك العلاقة بين الشعب والأسرة الحاكمة لمدة 300 عام. فليت جريدة الوطن وراشد الحمود يقتديان بأسلوب خطاب سمو الأمير.ـ
ـ"لقد تأكد لي ان الحديث الذي أدلى به النائب أحمد السعدون أخيراً قد تم تحريفه وانه لم يقصد ابدا المعاني والدلالات التي بدت من طريقة نشره في بعض الصحف ، حيث تعرض الحديث للتحريف ..."ـ
ـ"الكلام الذي قيل عبارة عن نصيحة نقدرها، وهذه عادة اهل الكويت في تقديم النصح وهي ليست جديدة عليهم .. ولم يكن في الكلام الذي قيل شيء يستحق التحقيق مع قائله"ـ
وسموه يؤكد هنا أن كل الضجة التي أثارتها الوطن حول حديث السعدون ليست إلا هوا بشبك، فكأن سموه يقول للوطن "كل اللي قلتوه غلط" ، وهو ما كنا نقوله ويقوله عدد من الكتاب في الأيام الماضية وأطلقت الوطن ألسنة كتابها القذرة عليهم ، وكانت تخطئهم ، والزملاء في موقع الأمة يتساءلون: ـ
هل يجرؤ خليفة علي الخليفة ووليد جاسم الجاسم وثالثهما نبيل الفضل وبقية المرتزقة الطعن بشهادة سموه؟
نعم للأسف يجرؤون، تجرؤ الوطن، فبينما الصحف والأوساط السياسية تشيد بالإيجابية التي اتسم بها حديث سمو الأمير في الاجتماع ، تزيد الوطن من تأجيجها للموضوع عبر نشر النص الكامل لحديث السعدون كأنها "صايدة الحركة" متحدية كلام سمو الأمير، رغم أن فيديو الندوة متوفر على الانترنت منذ يومين ، كما احتوى عددها على أربع مقالات تستمر على نفس الخط في تحريف حديث السعدون.ـ
ـ"من لديه أي فكرة او اعتراض او شكوى منكم فعندكم مجلس ادارة العائلة برئاسة الشيخ نواف، وانا أيضا بابي مفتوح، فلا داعي لعرض مشاكلكم في الصحف والدواوين"ـ
صاحب السمو يؤكد هنا أن لقب الأسرة الحاكمة لا يجعلها مختلفة عن أي الأسر الكويتية في إدارة شؤونها ، فكلام سموه لا يختلف عن كلام أي أب أو عميد أسرة كويتية في ضرورة تداول الخلافات في حدود الأسرة وعدم جعلها كما يقول الكويتيون "علچ بحلوج الناس" بفعل أبناء الأسرة.ـ
انتقد سمو الأمير من أسماهم انصاف المثقفين في العائلة الذين يتكلمون في الصحف، وتساءل: "هل جاءوا يوما وقالوا ما عندهم وجها لوجه؟ هذا الشيخ أحمد الحمود، لقد خرج من الوزارة، وسلك سلوكا راقيا ولم يتسبب في أي مشكلة"ـ
في إشارته لخروج شيخ من الوزارة والتسبب بمشاكل ، يبدو أن سموه الأمير يعني بكلامه الشيخ أحمد الفهد والشيخ أحمد العبدالله ، حيث يقف الفهد وراء الحملة المستعرة التي تشنها الوطن بأخبارها وكتابها على الشيخ جابر المبارك كونه أحد أسباب إقصاء الفهد عن الوزارة ، كما أن الفهد يقف وراء إشاعات إبعاد المبارك عن وزارة الداخلية أثناء تشكيل الحكومة ، والتي رد عليها المبارك بتصريحه الشهير "استمروا بتعاطي الحبوب." ثم نأتي إلى أحمد العبدالله الذي ترحم على "أيام أمير القلوب" في الصحف عند إعلان التشكيل الحكومي الجديد ، ناهيك عن هجوم الوطن المتواصل على شخص الشيخ ناصر صباح الأحمد.ـ
ـ"المشكلة ليست في الدستور، ولكن فيكم يا أبناء الاسرة ، فكلكم تريدون أن تكونوا وزراء ، وتتصارعون وتنقلون صراعاتكم إلى الإعلام"ـ
ما يميز ما قاله سموه هنا هو أنه طرح بصراحة وصرامة ووضوح غير مسبوقين ، لا خط رجعة فيه، إلا أن ما يثير الاهتمام هو ما الذي يمكن أن يفهم من بين السطور؟ نتمنى أن تصل الرسالة لمروجي فكرة أن "عبدالله السالم وهقنا بالدستور" أن العيب فيهم وليس بالدستور.ـ
"ـ"أكد لهم خلاله أنه يعرف كل شيء عن خلافاتهم ومشاحناتهم التي انتقلت الى الصحف ومنتديات الانترنت"ـ
وهنا يبدو أن سموه متابع جيد لما يدور في المدونات ، وفي صياغ الحديث عن تصارع أطراف الأسرة يبدو أن سموه يقصد مدونة الشيخ علي جابر العلي عندما انتقد فيها تبرع عمه الشيخ سالم العالي مؤخراً.ـ
"ـ"هناك من يؤزم لغرض ما في نفسه وعليه ان يبتعد عن التأزيم..لا من اجل الاسرة فقط.. ولكن من اجل الكويت"ـ
وهنا سموه يؤكد بأن هناك من أبناء الأسرة من يؤزم لأهداف شخصية لا تمت لمصلحة الكويت بصلة ، ومظاهر التأزيم الأخيرة على خلفية ندوة "إلا الدستور" لا نجدها إلا على صفحات جريدة الوطن التي جعلت حديث السعدون شيء يهدد أمن الدولة لغرض في نفس خليفة.ـ
في النهاية ، اجتماع سموه وحديثه الصريح والواضح والصارم هو ما كانت تحتاج له الأسرة منذ زمن ، والأهم من ذلك هو ما كانت تحتاج له الكويت أيضاً ، فكما قال سموه الصراع انتقل إلى حرب استقطابات ما بين فئات الشعب ومؤسساته على حساب وحدتهم.ـ
مصدر الانزعاج
كما هو ملاحظ نجد أن كل ما قاله سمو الأمير هو رد فعل لانزعاج لدى سموه تجاه النقاط التالية كما أوردت الصحف:
1- الحديث أو الترويج عن تعديل الدستور
2- التفريق ووضع الحواجز بين الأسرة والشعب
3- إخراج خلافات أبناء الأسرة في العلن وتجنيد كتاب الصحف للنيل من بعضهم البعض
4- إطلاق الإشاعات للتأثير في تشكيل الحكومة
وهنا لا بد من التوضيح بأن معظم نقاط الانزعاج التي أوردها سموه ترجع إلى مصدر واحد، وأنه إذا أُضعف واقتلع هذا المصدر الواحد ستكون الأمور أفضل بكثير. وهذا المصدر الواحد الذي هو يروج لإشاعات حل غير دستوري، ويضع الحواجز العنجهية بين الأسرة والشعب الكويتي، و ينشر غسيل خلافات الأسرة ويضرب بعضهم ببعض، ويطلق الإشاعات للتأثير في التشكيل الحكومي.. كل هذا ورائه جريدة الوطن التي يملكها علي الخليفة الصباح ابن الأسرة ويديرها ابنه خليفة علي الخليفة الصباح ابن الأسرة أيضاً.ـ
ختاماً ...
مصدر انزعاج سمو الأمير هو مصدر انزعاجنا أيضاً، ونجاح سموه في قيادة الدولة إنما هو نجاحنا، قلناها في أزمة الحكم ونقولها الآن: إن كرامة الأسرة الحاكمة هي كرامة الكويتيين جميعاً، وكرامة سمو الأمير هي كرامة الكويتيين جميعاً، وكرامة الدستور هي كرامة الكويتيين جميعاً، فرفقاً بكرامتنا.
---------
خارج الموضوع : ردة فعل جريدة الوطن.. تقص على منو؟
تستمر جريدة الوطن في محاولاتها الضحك على عقل القارئ ، بينما هي في الواقع كما قلنا سابقاً ، تكذب وتكذب حتى تصدق كذبتها بنفسها.
من يقرأ تغطية الوطن لاجتماع الأسرة يفهم بأن سمو الأمير طلب عقد الاجتماع وجمع 200 من أسرة الصباح في قصر بيان وانشغلت البلد بترقب نتائج الاجتماع الذي استمر قرابة الساعة ... كل ذلك بسبب "شوية مقالات" كتبها علي جابر العلي في مدونته "يهاجم فيها عمه وإخوانه."ـ
مسكين علي جابر العلي مدونته يا دوب يكتب فيها ويا دوب يقرأها أحد ، وإن هو خصص مدونة كتب فيها مرات معدودة عن أبناء أسرته ، فهناك من خصص صفحات لا تعد ولا تحصى من جريدته لضرب أبناء العم ببعضهم البعض وآخرها التجريح بالنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء والتجريح بنجل سمو أمير البلاد.
بل تذهب الوطن إلى أكثر من ذلك وتنقل عن سموه الآتي:
ـ"أعداؤكم ما راح يحبونكم ولو تحطونهم فوق رؤوسكم وعليكم محبة بعضكم البعض والتعاون فيما بينكم"ـ
بعد استنتاج النفس الإيجابي لسمو الأمير من الاجتماع ، لا أعتقد تخرج من سموه كلمة "أعداؤكم" ، فثقافة الأعداء وجعل الأسرة والشعب كأنهم فريقين وأعداء هو من اختصاص الوطن.ـ