استفزني تصريح النائبة الدكتورة رولا دشتي اليوم للأنباء، ودعوتها لقراءة قانون الخصخصة بتمعن.. الله الله.. على اعتبار أن لغته الفريدة تحمل في طياتها الكثير من المعاني الجميلة التي يصعب فهمها دون القراءة بتمعن.. وكأنه ديوان شعري.
صلي على النبي يا دكتورة، فلو كنت مكانك لطالبت بالعكس، ألا يقرأه الناس بتمعن.. لأنه يفشل.
-
شخصياً، أنا مع الخصخصة قلباً وقالباً، وبالإمكان إعتباري "خصوصي" من كثر دعمي لهذه الفكرة. لكن ليس بهذه الطريقة العشوائية.
-
لا يمكن بأي حال من الأحوال تطبيق الخصخصة دون وجود أرضية مهيئة لذلك، هذا القانون المعيب عبارة عن تقنين لبيع أصول الدولة دون مقابل تنموي. صحيح الدولة ستحصل على أموال مقابل البيع، ولكن ماذا بعد ذلك؟ مالذي يضمن لنا جودة الخدمات والسلع المقدمة من قبل الشركة المخصصة؟ مالذي يضمن لنا أن تؤدي الخصخصة إلى تعظيم موارد الدولة من المداخيل الغير نفطية؟ مالذي يضمن حماية المستهلكين؟
-
كل تركيز أعضاء اللجنة المالية هو أن القانون حمل الكثير من الضمانات للعمالة الوطنية.. هذا ليس موضوعنا يا إخوان، موضوعنا أنكم بعد أن تبيعون مؤسسة الموانيء -مثلاً- مالذي يضمن لنا أن لا تبقى بنفس السوء بل وأسوأ؟ ستقولون "قطاع خاص يهدف للربحية، أكيد بيطور"، وهذه سذاجة مفرطة، فهذا يعني أن الخصخصة قائمة على إيماننا بأن القطاع الخاص سيشعر بالمسؤولية ليطور المرافق ويقدم أفضل الخدمات، وهذا ببساطة غير صحيح، لأن القطاع الخاص يهدف للربح -وهذا حقه- حتى لو كان ذلك على حساب الجودة وحماية المستهلك، لأن هذه الامور من اختصاصات الحكومة. وبسبب عدم وجود بنية إدارية ورقابية تعني بهذه الأمور (كهيئة عامة للمواصلات، تضمن كفاءة وتطوير وحماية المستهلك في ما يخص هذا القطاع) لا يمكن أن نجني شيئاً من الخصخصة. بالإضافة إلى ذلك، فإن عدم وجود نظام ضريبي للشركات (حتى مع إعفاءات تصل إلى 10 أو 15 سنة) يعني عدم استفادة خزانة الدولة من الخصخصة لتصبح بذلك مجرد بيع لأصول وامتيازات خدمات الدولة.
-
نريد التنمية، ونريد الخصخصة، لكن بالشكل الصحيح وليس بهذه الصورة المشوهة.
*******
تحديث
*******
النائب مرزوق الغانم يهاجم المصوتين ضد قانون الخصخصة ويقول: من لديه حل لإنقاذ اقتصادنا المريض بتضخم المرتبات والأجور وشح الإيرادات الغير نفطية غير الخصخصة فليقدمه.
-
التعليق: بو علي، أرجوك أخبرني كيف لهذا القانون المشوه أن يعالج "شح الإيرادات الغير نفطية"؟
-
الدولة ستتسلم أموال من خلال بيع القطاعات المخصصة لمرة واحدة وخلاص، لا يوجد نظام ضريبي.
-
بو علي، أرجوك أنظر إلى تجربة محطات البنزين وتخصيصها.. هل هذا ما نريده؟ نفس المحطات السابقة بس تغير الإسم. هل نريد أن نغير إسم "هيئة الموانيء" إلى "شركة الموانيء" ونحافظ على نفس مستويات الخدمة التي تقدمها؟ أو البريد؟ أو النقل العام؟
أنت قولي كيف يضمن لنا القانون أن الشركة التي ستستثمر في القطاع ستطوره؟
-
أنا حسب فهمي، لا يوجد غير أننا نفترض أننا نثق في القطاع الخاص بأن يطور الشركة، وهذا افتراض ليس صحيح بالضرورة، ولا يوجد دولة بالعالم تعاملت مع الخصخصة بهذا الشكل.
-
يجب وجود جهة رقابية تضمن حد أدنى من الخدمات، وتحمي المستهلك، وتضع معايير الجودة والسلامة والتطوير.
-
أعطيك مثال:
أعطيك مثال:
-
في الولايات المتحدة، هناك ما يعرف بـ Federal Communications Commission، وهي الهيئة الفدرالية للاتصالات، تعني بتنظيم عمل قطاعي الاتصالات والإعلام. هذه الهيئة، قررت العام الماضي أن يتوقف بث التلفزيونات عبر نظام ال Analogue وأجبرت كافة القنوات أن تبث من خلال الكيبل بتقنية الديجيتال، وحددت موعد ثابت للبدء بالتطبيق، يا ترى لماذا؟ لأنها تسعى لتطوير هذا القطاع.
-
بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الهيئة هي من تقرر مواصفات العمل في قطاعي الاتصالات والإعلام، بالإضافة إلى التفتيش على الجودة، وتلقي شكاوى المستهلكين والتحقيق فيها وتوقيع عقوبات على الشركات المخالفة، هذا كله بالنهاية لضمان حد أدنى من جودة الخدمات.
-
وبالإضافة إلى ذلك، فإنه غني عن القول أن الولايات المتحدة لديها نظام ضريبي يضمن إيرادات -غير نفطية- للدولة.
هذه الأنظمة -وجود هيئات رقابية- ووجود نظام ضريبي، هي أمور لا وجود لها عندنا في الكويت. وهي أمور لا يمكن إدخالها في قانون الخصخصة الحالي والذي صوت عليه المجلس بمداولته الأولى اليوم، بل هي بنية تشريعية كاملة يجب إيجادها قبل إقرار قانون الخصخصة.
-
لا نضع العربة قبل الحصان وبعد سنوات نقول أننا أخطأنا خصوصاً أنه لا زال في يدنا تلافي هذا الخطأ.
-
بقي القول أنا لست من جمهور المتظاهرين في المجلس، ووجهة نظري مختلفة تماماً. أنا ضد تخصيص القطاع النفطي، وأجده من المريب أن يكون القانون لم يشر إلى ذلك صراحة واكتفى بالتعليم والصحة، ولكن سأحاول ألا أفترض حسن النوايا. أنا مواطن أريد للخصخصة أن تنجح في بلدي وأن تطبق وفق أسس متينة، وأتمنى من نوابي أن يسمعوني.