علمت ساحة الصفاة من مصادر موثوقة أن جهات عليا في البلاد كانت قد عقدت اجتماعاً منتصف الأسبوع الماضي مع أقطاب في الأسرة الحاكمة ضمت كل من سمو ولي العهد والشيوخ سالم العلي، مبارك عبدالله الأحمد، مشعل الأحمد، ورئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الصباح. وأفادت المصادر أن الاجتماع شهد طرح سيناريو حل مجلس الأمة حلاً غير دستورياً وتعديل الدستور.
-
وقالت المصادر أن الطرح خلال الاجتماع اتسم بالجدية وشهد إجماع الحضور باستثناء الشيخ سالم العلي الذي لم يرى سبباً له. كما تم على إثر الاجتماع اتخاذ القرار الذي صدر رسميا اليوم بتعيين الشيخ علي الجراح الصباح وزير النفط السابق نائباً لوزير شؤون الديوان الأميري بدرجة وزير (أي بنفس درجة رئيسه وزير الديوان!).
-
وفي موازاة ذلك كانت مصادر شبابية قد نقلت لساحة الصفاة الأسبوع الماضي تفاصيل لقاء سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد ببعض الوفود الطلابية التي زارته، إذ طغى على اللقاء الحديث عن استياء سموه لما وصل إليه الطرح في مجلس الأمة قائلاً بأن ذلك إن استمر فسيكون للسلطة موقف، ومطالباً الجهات الطلابية باتخاذ موقف كذلك.
-
من جهة أخرى تغادر جهات عليا البلاد غداً في زيارة رسمية تم خلالها إدراج إسم الشيخ أحمد الفهد -وزير الطاقة الأسبق- ضمن الوفد المرافق في اللحظات الأخيرة بعد أن لم يكن إسمه مطروحاً من ضمن الوفد.
-
إلى هنا انتهت الأخبار، التي يلاحظ منها نفس جديد يخالف ما طرحته جهات عليا في البلاد قبل عدة أشهر من مظاهر التمسك بالدستور والديموقراطية، التي قال عنها رئيس الوزراء خلال خطابه الختامي لدور الانعقاد الماضي لمجلس الأمة أنها باتت "قدرنا"، وكأن ذلك في حاجة لتأكيد.. واليوم يقف رئيس الوزراء المدعو بالـ "إصلاحي" نفسه في وجه "القدر" ليدفع باتجاه ذلك المخطط التخريبي.
-
وعندما نقول تخريبي فنحن لا نأتي بذلك من فراغ، فهو تخريبي بالدرجة الأولى للأسرة الحاكمة وليس للشعب فهي بذلك "تجني على خراب عشها" وهو ما لا نتمناه، إلا أن كان ذلك قرارهم -وهو غير مستغرب لمن يقرأ التاريخ- فنحن كشباب نقول "أهلاً بمعركة الديموقراطية" وهي معركة نفخر في خوضها في ظل حكم لم يعد سراً أنه ضعيف وإن اتخذ هذا القرار فهو بذلك يؤكد على ضعفه ويخوض معركة خاسرة في وجه شعب أعز حكمه وقابله بهذه الصورة.
-
السيناريو
مصادر اللقاء ذكرت أن المخطط من القرر أن يدخل حيز التنفيذ خلال دور الانعقاد المقبل، وبالتحديد خلال أحد شهرين ديسمبر أو يناير، مضيفة بأن سيناريو الحل سيبنى على افتراض استجواب وزير المالية بدر الحميضي، لكي لا تبدو الصورة وكأنها حماية للأسرة الحاكمة التي بدأت تشهدت سخطاً مما تراه "استهدافاً" لأبنائها في المناصب الحكومية، وهو ما روجت له جريدة الوطن أكثر من مرة. وذكرت المصادر أنه من المقرر أن يؤخذ استجواب الحميضي كذريعة لكسب من يسمون بـ "عيال الديرة" لإيصال رسالة مفادها "أنهم قصدوا عيال الأسرة وهم الآن يستهدفونكم، ونحن لا نرضى بذلك وسنحل المجلس!".
-
وأكدت المصادر أن جلسة افتتاح دور الانعقاد المقبل ستشهد تهديداً قوياً للنواب خلال الخطاب الافتتاحي، مرجحة أن يسبق سعدون حماد استجواب الحميضي باستجوابه لوزير الداخلية والدفاع الشيخ جابر المبارك ويستعرض بعدها بذاءاته التي ستؤدي إلى الحل، مبينة أنه إما استجواب الحميضي أو المبارك سيؤدي للحل أيهما أقرب.
-
الهيبة
في قصص الأطفال بل وحتى في ممارسات الحياة اليومية، يقال بأن من يقوم بعمل خطأ فهو يفعله من وراء الناس وليس عبر القنوات القانونية، لأنه ببساطة خطأ. وهو بالضبط ما يجري التخطيط له الآن، من أن يتم تنقيح الدستور بطرق غير التي حددها الدستور نفسه. ونرى أن ذلك يجري من منطلق الحفاظ على هيبة الشيوخ وما تبقى من "الشيخة" وهو أمر واهم، فالحل والتنقيح بحد ذاته قد يشكل نهاية الشيخة مع شعب سئم التهديد والوعيد.. قالوا أن المجلس يعطل التنمية، فأحرجهم المجلس بإقراره أكثر من 35 قانوناً خلال دور الانعقاد المنصرم، في سابقة من الإنجاز بتاريخ الحياة النيابية. بل وذهب بعض النواب في التكتل الوطني لأبعد من ذلك مطالبين الحكومة بطلب جلسات خاصة لإقرار القوانين التي ترغب بتمريرها، إلا أن الحكومة لم تستجب.
-
سمو الأمير طلب من النواب خلال دور الانعقاد الماضي بإقرار قوانين حقول الشمال وأملاك الدولة والضريبة. إلا أن الحلقة المفقودة هي أن قانون حقول الشمال سحبته الحكومة بداية دور الانعقاد من المجلس، وسحبه تحديداً نائب وزير الديوان الجديد وزير النفط السابق علي الجراح "للمزيد من الدراسة"، أما بخصوص أملاك الدولة فبعد تفاهم النواب والحكومة على صيغة القانون، أتت الحكومة في النهاية راغبة بإدخال تعديلات، ومع ذلك لم يرفض المجلس مناقشتها.. بل وطلب النواب -وتحديداً أحمد السعدون الذي طرح أثناء الاجتماع أنه عدو الأسرة الأول!- طلب استعجال قانون أملاك الدولة إلا أن الحكومة رفضت! أما قانون الضريبة، فالحكومة حتى الآن لم تقدم قانوناً متكاملاً للضريبة، وضريبة المستثمر الأجنبي أدخلت عليها بعض التعديلات التي استفزت النواب، مع أنه كان من الحري بها الالتزام بتخفيض الضريبة من 55 إلى 15% وكفى الله المسلمين شر القتال.
-
أما ما يجري من تراشق بين النواب فهو نتيجة غياب التنظيم الحزبي -وهو ما لا تؤمن به السلطة أساساً- ونتيجة لخلافات الشيوخ التي يقودها أحمد الفهد وجريدة الحرامية التي بدأت تؤجر النواب للسب!
-
وفيما يخص المساس بأبناء الأسرة، فبكل بساطة عليهم عدم الخوض بالسياسة إن كانوا لا يريدون المساس بشخوصهم. وهو أمر غير مستقصد، لكن شنسوي إذا عيالكم حرامية؟! وإذا عيالكم يعتقدون لأن إسمه شيخ لازم يصير عنده ملايين؟
-
بدر السعد، يوسف الابراهيم، محمود النوري والعديد ليسوا أبناء الأسرة الحاكمة، وهاجمهم نواب في المجلس.. والا عندكم حصانة ما نعرفها؟ وهو حديث قاله النائب محمد الصقر في آخر جلسات المجلس، "من لا يرغب بالانتقاد يقعد ببيته.. وشيوخ كثيرين قعدو ببيوتهم".
-
قادم!
إن خيار المواجهة الذي تريد السلطة خوض غماره لن يصب في مصلحتها أبداً، ونقول ذلك من حرصنا عليها وعلى هيبتها. لقد وقف الشعب الكويتي وقفات باسلة أمام السلطة عندما خرقت العقد في أيام كانت تعيش ذروة هيبتها. وعندما نقول كلامنا فهو ليس دفاعاً عن مجلس الأمة فقط، بل دفاعاً عن المادة السادسة من الدستور وعن الدستور برمته، بما فيها المادة الرابعة التي حفظت الحكم لآل الصباح. إن إلغاء أي مادة من مواد الدستور أو تعليقها يلغي المادة الرابعة، وهو أمر ذكرناه مراراً. إحترمونا نحترمكم. ولا يصون الحكم إلا الدستور ولا يصون الشعب إلا الدستور.. وإن اخترتم غير ذلك فسيتشح الشعب الكويتي اللون البرتقالي (رمز الإرادة) كما فعل من قبل وينهض لأجل بلده.