Thursday, March 24, 2005

المادة الثانية


وقفة جادة أمام المادة الثانية من الدستور


___________

أكتب هذه الخاطرة السياسية بعد الغوص في دوامة من التفكير جراء حكم المحكمة على د.أحمد البغدادي..

جلست أفكر .. كيف يحاكم كاتب وصاحب رأي على معتقداته، متى أصبح الدين غصباً؟ الفكرة وراء الأديان هي الإيمان، أي أن تعتقد بوجود شيء غيبي لا دليل فعلي له، إلا بالإيمان.. فكيف يفرض الإيمان ومعتقد بالغصب؟

البغدادي يقول أنه لا يريد أن يدرَّس أبناؤه القرآن، وهذا رأيه الشخصي.. هو لا يظن بأن تدريس القرآن علم.. بل يعتقد بأن القرآن شيء يتعلق بالروحانيات والإيمان..ونتيجة لذلك المعتقد، يحكم على البغدادي بالسجن لأنه قام "تحقير مبادئ الدين والاستهزاء به" حسب حكم المحكمة.

هو لم يقل أنه يجب منع الجميع من دراسة القرآن، هو قال أنه يجب ألا يفرض على الجميع تدريس القرآن في المدارس الخاصة، ولا أرى أي تعدي أو استهزاء بالدين..

وفي المقابل، يقوم الكثير من التيارات الإسلامية بتحقير ديانات الآخرين، والتقليل من شأنهم، والتدخل في أمورهم الخاصة كمسألة المعبد السيخي الغير مرخص في سلوى، ويحرم بعضهم في لجنة الكلمة الطيبة بإحياء التراث الإسلامي حتى السلام على الكفار، ومنهم أيضاً من يقنن الإرهاب لا رفضه (كما يقول الدعيج في مقاله رداً على الطبطبائي)، أي القول بأن قتل المسلمين حرام ( وماذا عن غير المسلمين) وهذا كان واضحاً من ردة فعل الإسلاميين على الأحداث الإرهابية الأخيرة..

لماذا هؤلاء لم يحاكموا.. على التعدي على الأديان والمعتقدات؟ هل لأنهم مسلمون؟

وهنا الطامة الكبرى.. عندما يتدخل إيمان شخص وعاطفته الدينية بفرض المعتقد على الغير، عندما يتدخل الإيمان بالدين بأحكام محكمة، هنا ..نواجه اشكالية كبيرة.

@@@

العلمانية .. دائماً ما كنت أقول أن ليس من صالح الليبرالين في الكويت أن يطالبوا بالعلمانية في 2005، لأننا أبعد ما يكون من المطالبة بالعلمانية على المستوى العملي والتطبيقي.. ليس هذا فحسب، بل نحن أيضاً أبعد ما يكون من المطالبة بالدستور، فمواد كثيرة معلقة لسنوات، وقوانين غير دستورية أصبحت واقعة، والدستور لا يحترم ولا يقرأ..

لكني دائماً أقول.. كل ما نريده هو الدستور.. الدستور.. ولا شيء غير ذلك .. الدستور بحلوه ومره.. ولا أزال مقتنعاً بهذا الكلام

ولكننا نواجه مشكلة حقيقية الآن مع أحكام قضائية كالحكم على البغدادي (لا أريد أن أدخل في الحكم القضائي ومعارضته، لأن الدخول في معمعة القضاء خطر للغاية، ولا يخدمنا)..

فالمادة الـ35 من الدستور الكويتي تقول:

حرية الاعتقاد مطلقة، وتحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان طبقا للعادات المرعية, علي إلا يخل ذلك بالنظام العام أو ينافي الآداب

فالدستور يقول بأن حرية الإعتقاد مكفولة، أي أن البغدادي كان يطالب بمطلب دستوري وهو ألا تفرض الدولة معتقدها، واعطائه وابنائه حريتهم في الاعتقاد، أو عدم الاعتقاد..

ولكني قبل أن أتبحر في تبعات المادة الـ35 من الدستور، تقفز علي المادة الثانية من الدستور التي تنص على:

دين الدولة الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع

وهنا تكمن المعضلة السياسية، فالدستور يقول أنت حر في اعتقادك، والدين الإسلامي في جميع مذاهبه يقيم الحد على المرتد (أي الذي لم يعد يؤمن بالإسلام ديناً).. لا أعلم كيف تلتقي هاتان المادتان في دستور واحد، أرى بأن هناك تناقض غير محمود..نعم أعلم بأن المادة الثانية تقول بأنه الشريعة مصدر وليس المصدر، وأعلم بأننا لسنا ملزومين بالشريعة الإسلامية، ولكنها تبقى معضلة بكل الأحوال.

طبعاً نظرياً أميل إلى الفصل بين الدين والدولة لأن العلمانية تكفل حق الدين والدولة (وهذا ليس موضوعي اليوم)،ولكن عملياً وهو الأهم فالقول بإلغاء وليس تعديل المادة الثانية التي تنص على أن دين الدولة الإسلام انتحار سياسي واجتماعي في كويت اليوم..

لست متصوفا سياسيا ولا أؤمن بالنموذجية السياسية.. لأن السياسة هي الواقع، والواقع أمامنا يقول دستور.. ولا شيء غير ذلك..

ولكن مجرد خاطرة سياسية ..ودعوة للوقوف أمام المادة الثانية وقفة جادة للنقاش والحوار..ليس إلا

ليتكم تشاركوننا بآرائكم ..

_______
الأسطر مبعثرة والأفكارغير مرتبة،
وهذا أجمل ما في عالم المدونات ..اللخبطة
فاعذروني

15 comments:

Jandeef said...

أجد موضوع البغدادي وحكم المحكمة موضوع عميق يصعب بناء رأي واضح حوله في خضم الأوضاع السياسية المشتعلة في البلد.

أتفق تقريباً مع كل ما قاله مبتدئ في موضوع البغدادي ، مع تحفظاتي على البغدادي وأسلوبه وتوقيته.

أحد الزملاء ذكر لي نقطة مهمة وهي: ماذا لو كان البغدادي غير مسلم ولا يرغب بفرض تدريس القرآن في مدرسة ابنه الخاصة؟

نقطة في غاية الأهمية والدقة. تدريس التربية الإسلامية في مدارس الحكومة هو من صميم الجزء الأول من المادة الثانية من الدستور (دين الدولة الإسلام) ولا ضير في ذلك ، لكن المدارس الخاصة المفروض لها الحرية في مناهجها مع اتباع بعض السياسات العامة التي تنص عليها وزارة التربية ، ولكن لا يجب أن تتدخل وزارة التربية في تفاصيل كعدد الساعات وغيرها.

أما فيما يتعلق بالمادة الثانية من الدستور ، أرى أنها تبقى كما هي بلا زيادة أو نقصان أو تعديل. على الرغم من تفهمي لوجهة نظر المطالبين بالعلمانية ، إلا إني لا أؤيد العلمانية المطلقة لأني لا أؤمن بوجودها أصلاً في أي مكان ، حتى في الدول العلمانية تجد في قوانينها وسياساتها نفس ديني وروحاني.

كذلك أؤمن بأن سياسة أي دولة هي انعكاس لطبيعة شعبها ، ولا أمانع في وجود نفس إسلامي في قوانيننا بل أؤيده ، ولذلك أرى أن المادة الثانية توفر هذا النفس مع إعطاء الحرية الكافية لمواكبة الزمن عبر جعل الشريعة مصدر وليس المصدر.

بو سالم said...

إسمح لي أن أختلف معك
دين الدولة الإسلام و الشريعه الاسلاميه مصدر رئيسي للتشريع

حرية الاعتقاد مطلقة، وتحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان طبقا للعادات المرعية

إذن للفرد حق الاعتقاد بما يشاء بما في ذلك الإلحاد و العياذ بالله على إلا يخل ذلك بالنظام العام أو ينافي الآداب

منذ فتره ليست بسيطه يتعرض الدكتور البغدادي لمتابعة مقصودة منظمه من التيار الديني فمقالة الموسيقى واحدة من العشرات من المقالات التي يذهب بها أشخاص مختلفون من التيار الديني إلى النيابة بدعوى أنها أهانته

في المقابل لا يوجد أحد يجروء على الذهاب إلى النيابة بدعوى أن مقالات الطبطبائي أو غيره أهانته. و لا نستطيع أن نحدد نسبة نجاح القضية لأننا لم نجرب

الدكتور البغدادي خسر حكمين و ربح أضعاف مضاعفه في السنوات السابقة

بو سالم said...
This comment has been removed by a blog administrator.
طائر بلا أجنحة said...

هي معركة يخوضها الجميع , البغدادي بقلمه و الأسلاميين بأصواتهم و نباحهم المسعور , لعبة قديمة أرفع صوتك يخافون منك الناس.
سئلتنا عن رئينا يا مبتدئ
أدعو إلى الرأي الذي يقول بوجوب تدريس مواد الدستور في الثانوية كمقرر دراسي و ذلك لشرح هذه المبادئ و تأصيلها في النفوس لكي يخرج لنا جيل يفهم معنى :
"دين الدولة الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع"

مسحت كل ما قمت بكتابته لأني أكتشفت أثناء شرحي لمعنى المادة , أنني منافق سياسي و عليه قررت أن أطالب بحذف المادة من عرجها , و ذلك لتوفقه فكريا مع ما أؤمن به .

و أجدني هنا و كفشة خلق (أنا وين و مذيعة ال LBC لما أتقولها وين) أعبر عن رأي بكلاب الرعي أو كلاب الرأي أي المتأسلمين رأي أنهم كلاب لم تجد من يلقمها الحجر بعد , بينما ليبرالين و منظرين التيارات الوطنية بالكويت أغنام وجدت كلاب الراعي التي تنبح في وجهها كل ما حلولت أحد الخراف أن يخرج عن القطيع ( القطيع هو بالطبع أفكارهم الأسنة).
و إلى أن يأتي أوان التحرير أقووول أمباااااااااع

مبتدئ said...

بوسالم

أسمح لك أن تختلف معي.. لكن أين الاختلاف؟

لم أجده في تعليقك

تقول بوسالم:
"
إذن للفرد حق الاعتقاد بما يشاء بما في ذلك الإلحاد و العياذ بالله على إلا يخل ذلك بالنظام العام أو ينافي الآداب"

طيب، لنفترض أنك ألحدت لا سمح الله، ولا تريد أن تدرس التربية الإسلامية، ما الذي تفعله؟
حسب الشريعة أنت مرتد، وحسب المادة 35 حقك مكفول، هل ترى هذه الإشكالية معي؟


أكرر هذا الموضوع، حساس جداً، وهو للمناقشة والحوار المفتوح

بو سالم said...

مبتدئ بالضبط

هل القانون الكويتي مستمد من الشريعة فقط

هل بنوك الكويت لا تتعامل بالربا؟

ألم يلحد قمبر و يعود تحت مسرحية بطلها بن عاقول العوضي و مخرجها جاسم بودي؟

حسب الشريعة أنا مرتد ولكن حسب القانون أنا حر فالشريعة ليست المصدر الوحيد

إذا مارست الحب(حلوه)يجب أن أجلد حسب الشريعه ولكن لوجود المصادر الاخرى في القانون لن أجلد


لا أعلم عن الوضع الحالي و لكن في أيامي بالمدرسه كان زملاؤنا الغير مسلمين معفيين من دراسة مادة الدين و يدرسون مادة اللغة العربية بدلا منها

أبو جيج يدور نعاله said...

لن تحل أى مشكلة نواجهها الآن إلا بفصل الدين عن الدولة فصلا كاملا

لايمكن أن تخلط الماء بالزيت مهما قمت برج الوعاء الحاوى لهما و إن تعكر الخليط لبعض الوقت و بدا للبعض أنه متجانس

الدستور يكفل كل الحريات و من ضمنهم ممارسة شعائر الدين و إحترام المعتقدات و لكن يوجد بيننا هذه الأيام من يعتبر أن قتل الغير مسلم جائز و حتى واجب و بهذه الحالة فأن الدستور لابد أن يحمى صاحب هذا الإعتقاد كونه مسلم و يمارس شعائره

وهنا قد يتساءل البعض لماذا لا يحمى الدستور عبدة الشيطان مثلا عند ممارستهم لطقوسهم و الجواب بالدستور وواضح
فدستورنا يفضل الإسلام على باقى الأديان و المشتغلون بمجال الإسلام حاليا يكفرون جميع الأديان و المعتقدات الأخرى و لهذا فقد إنتهت مسألة إحترام الأديان الأخرى و للأبد

من وضع الدستور لم يتصور أن الدين الإسلامى و شعائره سيتم إستغلالها بهذه الصورة البشعة و لم يأخذ بالحسبان أن تفضيله لدين معين على حساب باقى الأديان قد يخلق حالة عدم مساواة رهيبة بين أفراد مجتمعنا ذو الأديان المتعددة و الطوائف المختلفة

فتحت ذريعة أنا مسلم و دين بلدى الرسمي هو الإسلام و المصدر الرئيسى للتشريع هو الإسلام يستطيع أى سوبر مسلم أن يكفر الغير و يكمم أفواه الغير و يقتل الغير دون أن يمسه أحد

Q said...

Mubtadi', inta gilt:
فالمادة الـ35 من الدستور الكويتي تقول:

حرية الاعتقاد مطلقة، وتحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان طبقا للعادات المرعية, علي إلا يخل ذلك بالنظام العام أو ينافي الآداب

Last two words are what get AlBaghdadi in trouble, not the first 3 words.

I am by all means 100% for secularism, it wont happen now, and it would be stupid to call for it now, but we should start with respecting other religions in our country first, only by applying the constitution can we get a step closer to that. But again, applying the constitution, we wont reach the point of secularism. So, ib 7ilwa o ib murra like u said!

btw....did you know that one of the private schools will start teaching the constitution after their principal read a certain article in the newspaper by a previous student of his calling for that!? I hope more people take that step!

AyyA said...

Anyone who does not have a kid in school would not know how grave AlBgdadi’s problem. I will not talk about constitution here or religion. My main point is human rights and child psychology. Anyone should have the right to bring up his child the way he sees fit. What would a person do if he finds out that his kid’s teachings are against his principles? The very ethics that he wants to raise him to believe. I tell you what 99% of us do. We tell the kid this is how it is supposed to be and what you should know, but for the sake of passing your exams, memories whatever is given to you in school. Now do you know how dangerous our act is? We indirectly teach our kids to be cunning and hypocrites, the very trait we do not wish our kids to grow up adapting. And I do not agree with the ones who said that the timing is wrong, although as a woman struggling for my political rights I should be saying otherwise, but I think this issue is far more dangerous and damaging to the new generation.

Shurouq said...

آنا معاك بأن السياسة هي في النهاية فن الممكن.. ولكني لا أرى المطالبة بعلمانية كاملة وبفصل الدين عن الدولة أي مبالغة أو قفز على واقع الكويت
الأصوات المطالبة بالعلمانية يجب أن ترتفع وتعلو، لا أن تخبو بحجة أن "الأمور جميلي والسوق بخير".. وتصبح بالتالي أصواتا قليلة مبعثرة لا تشكل تيارا

آنا مليت من العلمانيين الخجولين

وسقف الحريات لن يرتفع إلا إذا طالبنا بارتفاعه
الحماس ماخذني اليوم.. اعذروني

مبتدئ :) بارك لجنديف بالنيابة عني

رشيد الخطار said...

ِشروق
الأمور جميلي والسوق بخير

هاهاها.. عجبتني وايد!!

مبتدئ said...

شروق

إذن تقرين بأن السياسة فن الممكن

كيف ترين أن من الممكن أن تطبق العلمانية في الكويت اليوم؟

على أرض الواقع.. أين الكويتيين من فصل الدين عن الدولة؟

ومن سيدفع بالعلمانية؟

هل نحتاج أتاتورك مثلا؟


انت تقولين

"آنا مليت من العلمانيين الخجولين

هناك فرق بين العلماني الخجول والعلماني الواقعي

وبعدين كم علماني خجول تعرفين؟ عديتيهم؟ ..كم عشرة؟ عشرين؟

الآن قارنيهم مع الذين يطالبون بالخلافة الإسلامية..


يا ريت تجاوبيني ,..لأني في حيرة من أمري
..

بومريوم said...

لفتره قريبه كان الوضع بالكويت متوازن..
و لكن ظهر تطرف قابله تطرف من الجهه الاخرى.

اعترف..انا كشخص عادى استفزنى كلام البغدادى..
مثل ما يستفزنى من يضع نمط معين للاخلاق..او يفرض رقابه دينيه على المجتمع

علمانيه الدوله اعتقد ان الاغلبيه ستعارضها
مثل ما عارضت الاغلبيه انشاء هيئه الامر بالمعروف فى الكويت بعد التحرير..
اعتقد ان اهل الكويت عامة شعب وسطى..لا افراط و لا تفريط

و مبروك لجنديف الهندسه و عقبال الماستر

طائر بلا أجنحة said...

بومريوم شنو إلي بكلام البغدادي إستفزك؟!

مبتدىء ما الفرق بين العلماني الخجول و العلماني الواقعي؟؟

UzF said...

نقض حكم البراءة وسجن البغدادي عافسني
صج ما يستاهل, الله يكون بعون أهله

Kuwait juniors سلمولي عالدستور